فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٥٤) قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (٥٥) قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٥٦) وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ
____________________________________
الذين عبدوها قبلكم (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) واضح إذ كيف تعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنكم شيئا؟.
[٥٦] (قالُوا) أي القوم ، لما رأوا من إبراهيم الإصرار على نبذ عبادة الأصنام (أَجِئْتَنا بِالْحَقِ) أي هل أنت جاد في كلامك هذا محق عند نفسك تريد بيان الحق بزعمك (أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ) تمزح وتلعب في كلامك؟ فقد كانوا يستبعدون أن ينكر عليهم أحد عبادة الأصنام التي ألفوها منذ دهور.
[٥٧] (قالَ) إبراهيم عليهالسلام في جوابهم ، ما يفيد أنه جاد محق ، ولكن غير مجرى الكلام ليكون جوابه مع الدليل والبرهان فلا يبقى محل للمناقشة (بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فليست هذه أربابا لكم ، وإنما هو الله (الَّذِي فَطَرَهُنَ) أي خلق السماوات والأرض ، والإتيان بضمير العاقل ، إما باعتبار تغليب العقلاء الموجودين فيهما وإما باعتبار أن لهما مرتبة من الإدراك والشعور (وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ) «ذا» اشارة إلى المطلب المتقدم ، وهو أن الرب هو اله السماء والأرض و «كم» خطاب للقوم (مِنَ الشَّاهِدِينَ) أي أشهد بذلك ، وهذا لتأكيد الأمر ، وإلا فكل مخبر شاهد لما يخبر عنه ، وكأن المراد أن إخباري ليس تقليدا وإنما عن حضور وشهادة.
[٥٨] (وَتَاللهِ) حلف بالله لتأكيد ما يقول ، والتاء للتعجب ، وإنما جيء بها لصعوبة الأمر الذي نواه حتى أن الآتي به يستحق التعجب منه (لَأَكِيدَنَّ