أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨) قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩)
____________________________________
أَصْنامَكُمْ) أي أدبّرن تدبيرا خفيا في باب الأصنام ، يسوؤكم ذلك ، يقال : كاده إذا دبّر تدبيرا خفيا يوجب مساءته (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) أي تعرضوا عن المدينة جاعلين ظهوركم عليها تريدون الاجتماع في يوم عيدكم ، فقد كان لهم في كل سنة عيد يخرجون إلى خارج المدينة لأجله فيجتمعون هناك ، ثم إذا رجعوا دخلوا بيت الأصنام يسجدون لها ، ولما أرادوا الخروج دعوا إبراهيم للخروج معهم فلم يخرج ، فلما خرجوا جاء إلى بيت الأصنام وقد خلا من الناس.
[٥٩] وأخذ فأسا بيده (فَجَعَلَهُمْ) أي الأصنام ـ وقد مر وجه الإتيان بضمير العاقل ـ (جُذاذاً) أي قطعة قطعة فهو فعال بمعنى مفعول كالحطام ، وأصله من الجذ بمعنى القطع (إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) أي كبير الأصنام ، فإنه عليهالسلام لم يكسره ، وإنما أبقاه على حاله ، والمراد أكبرهم جسما ، أو أكبرهم عظمة عند القوم ، وقد علق الفأس في عنق ذلك الكبير ، وإنما فعل ذلك (لَعَلَّهُمْ) أي القوم (إِلَيْهِ) أي إلى إبراهيم (يَرْجِعُونَ) فيسألون عن الفاعل للتحطيم ، فينبئهم على خطئهم في العبادة.
[٦٠] ولما رجعوا ورأوا أن الأصنام قد حطمت وكسرت (قالُوا) قال بعضهم لبعض (مَنْ فَعَلَ هذا) الكسر والتحطيم (بِآلِهَتِنا)؟ على نحو الاستفهام الاستنكاري ، أو أن من مبتدأ خبره (إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ) الذي ظلم نفسه وقومه.