فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (٦٥)
____________________________________
شجاع «أنه أسد» لو أردت المجاز ، ثم ألفت إبراهيم ، إلى موضع العبرة والحجة بقوله (فَسْئَلُوهُمْ) أيها القوم ، عمن فعل بهم هذا العمل (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فإنهم يخبرونكم عمن فعل بهم هذا ، وقد أراد عليهالسلام بذلك إلفاتهم إلى أنهم كيف يتخذون الأصنام آلهة ، وهي لا تنطق ولا تعلم من فعل بهم الكسر والتحطيم ، وإلى ما ذكرنا في معنى الآية تشير الرواية الواردة في الكافي عن الصادق عليهالسلام قال : إنما قال بل فعله كبيرهم ، إرادة الإصلاح ، ودلالة على أنهم لا يفعلون (١).
[٦٥] وهنا أخذت الموعظة مأخذها ، وعمل التنبيه مفعوله (فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ) أي إلى أن القوم قال بعضهم لبعض ، أو تفكروا في نفوسهم (فَقالُوا إِنَّكُمْ) أيها القوم (أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسكم حيث تعبدون هذه الأصنام التي لا تقدر على دفع العدو عن نفسها ، وحتى على النطق وإظهار من فعل الكسر بها.
[٦٦] (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) كما هو عادة الذي قد تمت عليه الحجة فلا جواب له ، والمراد نكسوا رؤوسهم ، لكن فاعل النكس لم يظهر ، والإتيان ب «على» لإفادة أن هناك دافعا دفع الرؤوس من فوقها حتى نكست ، وأخذوا يجمجمون ـ مخاطبين إبراهيم ، أو أنفسهم ـ (لَقَدْ عَلِمْتَ) يا إبراهيم (ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) فكيف نسأل منهم ، كما قلت «فاسألوهم»؟
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ص ٣٤١.