فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ
____________________________________
(فَهَلْ أَنْتُمْ) أيها الناس (شاكِرُونَ) لهذه النعمة التي تقيكم من الأعداء ، فإن الدرع أحسن وقاية للبدن مقابل الآلات الحربية.
[٨٢] (وَ) سخرنا (لِسُلَيْمانَ) بن داود (الرِّيحَ عاصِفَةً) أي شديدة الهبوب ، فإذا أراد أن تعصف الريح عصفت ، وإذا أراد أن ترخي أرخيت (تَجْرِي) الريح (بِأَمْرِهِ) أي أمر سليمان (إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) وهي الشام ، التي بارك الله فيها بكثرة الأنبياء عليهمالسلام ، وكثرة الثمار ، وطيب الهواء ، وقد سبق أن المراد بالشام ما يشمل سورية وفلسطين ولبنان والأردن ، فقد كان لسليمان عليهالسلام بساط يجلس عليه هو وحاشيته فتحمله الريح ويسير بهم من القدس إلى الشام ـ وقد كان السير بينهما يستغرق شهرا على الماشية ـ في نصف يوم ، وكذلك ترجع بهم هذه المسافة في نصف يوم ، كما قال سبحانه في آية أخرى : (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) (١) وحيث أن هذا كان مورد استغراب عقبه سبحانه بهذه الجملة فقال (وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) فإنما أعطيناه ما أعطينا لعلمنا بالمصالح وطرف الأمور.
[٨٣] (وَ) سخرنا لسليمان (مِنَ الشَّياطِينِ) والمراد بالشيطان هنا الجن ، فإنهما مخلوقان أحدهما يضل البشر من نسل إبليس ، والآخر كالإنسان إلا أنه مختف ، والظاهر أنهما في الأصل كانا من جنس واحد ، ولذا
__________________
(١) سبأ : ١٣.