وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ
____________________________________
الخشبية عن التفتت والتفرق (وَ) شق فيها (أَنْهاراً) لتجري فيها المياه ، ولولاها لضاعت المياه ، ولم يمكن الاستفادة الصحيحة منها (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها) أي في الأرض (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ذكر وأنثى ، فإن «زوج» يطلق على كل فرد من فردي «الزوجين» ولذا جيء له التأكيد ب «اثنين» حتى لا يتوهم أنه تثنية «زوج» الذي يراد به «اثنان» وقد ثبت في العلم ، أن كل صنف من أصناف النباتات يشتمل على ذكر وأنثى ـ وهذه إحدى معاجز القرآن الكثيرة ـ ، وفي الأرض (يُغْشِي) أي يستر (اللَّيْلَ النَّهارَ) بقدرته ، والليل والنهار مفعولان ل «يغشي» ، وفاعله الضمير العائد إليه تعالى ، أي يأتي سبحانه بالليل ليستر النهار ، فكأنه ساتر له عن الأبصار ، وهذا من باب التشبيه ، وإلا فالنهار يذهب إذا جاء الليل ، وإنما لم يعكس ، كأن يقول «يذهب الليل بالنهار» لأن الليل فيه الراحة والهدوء ، ولأنه الأصل ، إذ الظلمة سابقة على الضياء ـ فقد قالوا أن بينهما تقابل العدم والملكة ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي تقدم من السماء والأرض ، والشمس والقمر ، والجبال والأنهار ، والزوج والزوج من النبات ، والليل والنهار ـ من الأمور البديعة المتقابلة ـ (لَآياتٍ) دلالات واضحات ، وحجج ظاهرة على وجود الله سبحانه وعلمه وقدرته ، وسائر صفاته (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في هذه الموجودات ، فيدركون ، أن لها صانعا قديرا عليما.
[٥] ثم ننظر إلى تفاصيل أدق من تلك الخطوط العريضة في الأرض ، لنرى آثار القدرة في الجزئيات ، كما رأيناها في الكليات (وَفِي الْأَرْضِ