كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ
____________________________________
للعطف والرحمة (كَذلِكَ) الذي ذكرنا (سَخَّرْناها لَكُمْ) فإنها مع قوتها مسخرة لكم حتى تتمكنوا من أخذها ، وإيقافها صواف ونحوها ، بخلاف السباع الممتنعة التي هي لو كانت دونها لا تنقاد ولا تخضع (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي لكي تشكروا لطف الله وفضله.
[٣٨] إن الأمر بذبح الهدي ، ليس لانتفاع الله سبحانه ، فإنه تعالى لا ينتفع بشيء (لَنْ يَنالَ اللهَ) أي لن يصل إلى الله (لُحُومُها) ليأكل ، أو ينتفع (وَلا دِماؤُها) كما تنال الأصنام دماء قرابينها ، فإنهم كانوا يلطخون الصنم بدم القربان ، ليدل على أنهم عظموه بالقربان من أجله (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) فإن توجه القلوب إليه سبحانه ، هو المطلوب المهم الذي أمر به سبحانه ، وهو الشيء الذي يريده ، ولذا شبه بما ينال الإنسان ويصل إليه ، وإلا فالتقوى أيضا لا يناله سبحانه ، والمعنى أن المقصود بالهدي التقوى ، لا الهدي في صورته المجردة ، إذ لا انتفاع لله سبحانه بصورة الهدي ، وإنما الصورة تفيد من يريد الأكل أو الاستعلاء بلطخ الدم (كَذلِكَ) أي كالذي ذكر من كون لحومها ودمائها باختياركم ، (سَخَّرَها) أي سخر البدن (لَكُمْ) أيها البشر (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) أي تعظموه على هدايته إياكم ، فإن الإنعام ، يوجب الشكر على كل نعمة ، فالهداية والتسخير وإن كانا نعمتان ، لكن أحدهما توجب الشكر على الأخرى ، فلا يقال مقتضى القاعدة أن يقال : «على ما سخر» لا «على ما هدى» (وَبَشِّرِ) يا رسول