أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ
____________________________________
[٦٦] (أَلَمْ تَرَ) أيها الرائي ، استفهام إلفاتي للتنبيه (أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) فمن هو الذي جعل المخلوقات الأرضية ، مسخرة لكم تسيطرون عليها بإرادتكم ، فسخر لكم الأنهار ، لتجري نحو حوائجكم ، وسخر المعادن لتنقاد لأموركم ، وسخر الأنعام لمنافعكم ، وهكذا (وَالْفُلْكَ) على وزن أسد جمع أسد (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) سبحانه ، لمنافعكم ومآربكم؟ فمن جعل الماء بحيث يحمل الفلك في قاعدة مطردة كشف عنها «أرخميدس» والمعنى سخر الفلك ، في حال جريها في الماء ، بإذن الله سبحانه ، وإنما قال «بأمره» دون «إذنه» لأن التكوين يحتاج إلى الأمر بأن يقال للشيء «كن» (وَيُمْسِكُ السَّماءَ) يحفظها (أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) فلا يبطل النظام الكوني ، الذي جعله الله سبحانه حتى لا تقع الكواكب على الأرض ، وإنما تسير الكواكب في أفلاكها المقررة لها ، المعبرة عنها بالسماء ، لسموها وعلوها وارتفاعها (إِلَّا بِإِذْنِهِ) فإذا أذن للسماء أن تقع ، ويبطل النظام كما في يوم القيامة ، حيث قال (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) (١) لم يمنع منها شيء (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ولذلك سخر لهم ما في الكون وأمسك السماء من الوقوع عليهم.
[٦٧] (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) بعد أن كنتم ترابا ميتا ، بأن أعطاكم الحياة
__________________
(١) الأنبياء : ١٠٥.