وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ
____________________________________
[١٣] ثم يأتي السياق ليعد منن الله على البشر ، ولطفه بهم ، مما ينبغي أن يطيعوا أوامره ، ويكونوا كما وصفهم في الآيات المتقدمة (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) أي كل فرد من أفراده (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) السلالة ، اسم لما يسل من الشيء ، فإن الإنسان في ابتداء خلقه يسل ويخرج من التراب النظيف ، إذ هو الذي يتبدل نباتا ، ولذا سمي طينا ، لأن التراب ما لم يخلط بالماء لا يكوّن نباتا.
[١٤] (ثُمَ) بعد جعل التراب نباتا ، صار حيوانا مأكولا ، أو أكله إنسان فصار دما في جسمه ، وبعد ذلك (جَعَلْناهُ) أي ذلك الإنسان ، الذي نريد تكوينه (نُطْفَةً) وهي المني إذا استقر في الرحم (فِي قَرارٍ) أي مستقر (مَكِينٍ) ذي تمكن على حفظها وتربيتها.
[١٥] (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) شبيه بالدم المنجمد (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) كقطعة لحم قد مضغت بالأسنان (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً) وحيث إن العظام هي العنصر الأشد في الحياة ، خصصت بالذكر ، وإلا فالعلقة تكوّن الأعضاء الأصلية للإنسان ، لا العظام فقط (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) كاللباس الذي يلبس على الجلد (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) فقد نفخ فيه الروح الإنساني ، الذي هو من قسم آخر من الخلق ، ليس كالخلق المادي الحيواني ، والنباتي والجمادي (فَتَبارَكَ اللهُ) أي تعالى