وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا
____________________________________
إنك تحت نظرنا ومراقبتنا كالكبير الذي يقول لغيره : افعل كذا ، فأنت مدّ نظري لا يصل إليك أحد بسوء ، وأعين جمع عين ، ومن القاعدة أن يأتي بالجمع ما في الإنسان مثنى ، أو باعتبار أن الكبير يتكلم بنحو الجمع دلالة على اشتراكه لمن معه في الرأي (وَوَحْيِنا) فإنا نوحي إليك كيفية صنعها (فَإِذا جاءَ أَمْرُنا) بإهلاك القوم ، غرقا في الماء (وَفارَ التَّنُّورُ) الذي كان علامة لابتداء العذاب وورد أنه تنور في مسجد الكوفة جعله سبحانه علامة لابتداء الغرق ، حتى إذا رأى نوح إنه يفور ماء يركب السفينة ، ويحمل المؤمنين والحيوانات فيها لينجوا جميعا من الغرق (فَاسْلُكْ فِيها) أي ادخل في السفينة من سلك بمعنى مشى في الطريق ، كأنهم يتخذون طريقهم في السفينة (مِنْ كُلٍ) أي من كل نوع من أنواع الحيوانات (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) ذكرا وأنثى ، وليس ذلك مستبعدا بالنسبة إلى قدرة الله سبحانه ، وإن استبعده بعض ، قالوا : كيف يمكن إدخال أهلك وعائلتك في السفينة (إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) بأنه يهلك في الهالكين (مِنْهُمْ) أي من أهلك ، وهو ولده كنعان الذي سبق من الله سبحانه أن قال يغرق لعمله الفاسد ، وحيث كان المقام أن يطلب نوح ـ حسب الرقة البشرية ـ نجاة الناس من الغرق ، نهاه سبحانه عن ذلك مقدما بقوله (وَلا تُخاطِبْنِي) أي لا تتكلم معي يا نوح (فِي) أمر (الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والعصيان ، بأن