فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ
____________________________________
الهلاك والدمار (فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) الغثاء ما يحمله السيل ، من يابس النبات ، وقصب وعيدان وما أشبه ، والمعنى جعلناهم أجسادا هامدة قد يبسوا كما يبس الغثاء ، ملقون بغير إكرام ولا احترام (فَبُعْداً) أي أبعدهم الله عن رحمته ، وطردهم عن كل خير (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والطغيان.
[٤٣] (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) بعد هؤلاء (قُرُوناً آخَرِينَ) أمما ، وأهل أعصار ، وجماعات آخرين ، فكان القوم كلما عصوا وعتوا أخذناهم بالعذاب وأهلكناهم وجئنا بقوم آخرين مكانهم.
[٤٤] أما ما يطلب هؤلاء الكفار من تعجيل العذاب عليهم ، فقد كانوا يطلبون من الرسول ـ على وجه الاستهزاء ـ أن يعجل عليهم العذاب إن كان صادقا ، فإن العذاب لا يأتي إلا في وقته الذي حدده الله سبحانه له ، لا يتقدم ولا يتأخر (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ) أي لا تسبق أية أمة من الأمم (أَجَلَها) بأن تهلك قبل إتيان الوقت المحدد لها (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) أي لا يطلبون تأخير الأجل ، بأن يتأخر عن الوقت المحدد له والمراد بعدم طلبهم للتأخير ، إن طلب التأخير لا ينفع ، فعبر عما لا ينفع فيه بالعدم ، كما يعبر عن الرجل الذي لا ينفع فيه بأنه ليس برجل.
[٤٥] (ثُمَ) من بعد صالح (أَرْسَلْنا) إلى الأمم (رُسُلَنا تَتْرا) من المواترة ، وهي أن يتبع البعض البعض بدون فصل ، فقد كانت الأنبياء يأتي بعضهم بعقب الآخر إتماما للحجة ، وتوضيحا للمحجة (كُلَّ ما جاءَ