وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣)
____________________________________
لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١) بل مقتضى «لا تفقهون» إنها تسبح وتحمد حقيقة ، إذ لو كان المراد بالتسبيح الدلالة ـ كما ذكر في المعنى الأول ـ لكان ذلك مفهوما لنا ـ والله أعلم ـ ومعنى «يسبح بحمده» أن التنزيه إنما هو بذكر الجميل ، فإن النزاهة والجمال ، لا تتلازمان خارجا ، فربّ نزيه غير جميل ، كما أنه رب جميل ليس بنزيه ، والنزيه الجميل ، قد ينزهه الإنسان ، فيقول إن فلانا «غير قبيح» وقد ينزهه بذكر جماله ، فيقول فلان «جميل» فإن «جميل» تنزيه له عن القبح بالثناء ـ الذي هو الحمد ـ وتسبيح الرعد بالحمد ، فإن الرعد يدل على العلم والقدرة ، وذلك تنزيه عن الجهل والعجز (وَ) يسبح (الْمَلائِكَةُ) أي ينزهونه سبحانه عن النقائص (مِنْ خِيفَتِهِ) من خوفه سبحانه ، فإن التسبيح قد يكون لمجرد ذكر الجميل ، وقد يكون رغبة ، وقد يكون رهبة ، وإنما جاء بذلك ـ هنا ـ للتناسق مع الرعد المقرقع المخوّف ، والبرق الخالب المخيف ، والصاعقة (وَيُرْسِلُ) الله سبحانه (الصَّواعِقَ) والصاعقة هي جسم معدني ، محمي حتى الاحمرار تقذف من أعالي الجو عند السحاب والبرق والرعد ـ غالبا ـ وعلّل في العلم الحديث ، بأنها من كراة أخر ، تحميها الحركة السريعة (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) من الناس في هذا الجوّ الرهيب ، نرى البشر العاتي ، (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي) وجود (اللهِ) وصفاته مع ضعفهم وعجزهم ، وقد رأوا تلك المشاهد الكونية الرهيبة التي تدل على إله واحد عالم قدير (وَهُوَ) سبحانه (شَدِيدُ الْمِحالِ) أي
__________________
(١) الإسراء : ٤٥.