لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ
____________________________________
شديد الأخذ بالعقاب ، فإن المحال مصدر باب المفاعلة ، يقال ما حله مماحلة ومحالا ، وعلى وزنه ضاربه ، يضاربه ، ضرابا ، بمعنى قاواه ، حتى يتبين أيها أشد.
[١٥] إنهم يدعون مع الله شركاء ، ويجادلون فيه ، والحال أن دعوته ـ وحدها ـ هي الحق ، فمن دعاه كان محقا ، ومن دعا غيره كان مبطلا ، (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) فالدعوة له هي حق ، لأنها دعوة مطابقة للواقع ، ومعنى «له» الاختصاص ، أي دعا الإله ـ إذا أريد أن يكون حقا ـ فهو له لا لغيره (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) أي الأصنام التي تدعى من دون الله ، فمصداق «الذين» هي الأصنام ، وإنما جيء بلفظ الجمع العاقل ، تماشيا مع زعم المشركين : أنها تعقل ـ كما مرّ في مواضع متعددة مثل ذلك ـ والعائد في «يدعون» محذوف أي «يدعونهم» (لا يَسْتَجِيبُونَ) أي تلك الأصنام المدعوة (لَهُمْ) أي للداعين المشركين (بِشَيْءٍ) لا قليل ، ولا كثير ، لا من شؤون الدنيا ، ولا من أمور الآخرة ، (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) هذا مثل لمن دعا الأصنام ، ليقضوا حاجته ، فالداعي لها كمثل رجل بسط كفيه إلى الماء ، ليتناوله ، ويسكن به غلته ، وذلك الماء لا يبلغ فاه لبعد المسافة بينهما (وَما هُوَ) أي الماء (بِبالِغِهِ) فالماء كالصنم كلاهما لا يعقل ولا يستجيب ، فالداعي للصنم ، كالطالب للماء ، وبسط الكف للدعاء كبسط الكف نحو الماء ، وبعد الماء كبعد الصنم ، في عدم الاستجابة ، فكما أن الطالب للماء بهذه الكيفية لا يتحصل على الماء الذي يروي عطشه ،