وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (١٥) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ
____________________________________
كذلك الداعي للصنم لا يتحصل على الإجابة التي تقضي حاجته ، قال بعض المفسرين : ألا ترون حال الداعين لغيره من الشركاء؟ انظروا هذا واحد منهم : ملهوف ظمآن ، يمد ذراعيه ، ويبسط كفيه ، وفمه مفتوح يلهب بالدعاء ، يطلب الماء ليبلغ فاه ، فلا يبلغه ، وما هو ببالغه ، بعد الجهد واللهفة والعناء ، وكذلك دعاء الكافرين بالله الواحد حين يدعون الشركاء (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) لأصنامهم (إِلَّا فِي ضَلالٍ) يضل ويتيه ولا يصل إلى المقصود ، وكان الإتيان بهذا المثال ، ليناسب السياق مع السحاب والرعد والبرق الموحية بجو الماء والمطر.
[١٦] إن الكفار يأبون من السجود لله سبحانه ، وإنما يسجدون لأصنامهم ، كما يدعون أصنامهم ، ولا يدعون الله الواحد (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ) من الملائكة ، وغيرها ، حتى نفس السماء (وَ) من في (الْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) أي سواء كانوا طائعين أو مكرهين للسجود ، كالكفار الذين يكرهون السجود ، لكن شخوصهم تسجد وتخضع لله خضوعا تكوينيا ، وإن لم يخضعوا خضوعا إراديا ، والمراد بمن في الأرض أعم من العاقل وغيره ، حتى نفس الأرض ، حتى غلّب العقلاء ، وإن أريد الأعم ، كما غلب المظروف ، وإن أريد الأعم منه ومن الظرف ، وإنما استفدنا ذلك من قوله سبحانه (وَظِلالُهُمْ) أي حتى أظلتهم ، فكل ما في الكون من الأشخاص والأضلة يسجد لله ، ولعلّ الإتيان بلفظ السجود ، لأنه رمز لغاية الخضوع أي إنها جميعا خاضعة غاية الخضوع لله سبحانه ، وذلك واضح فإن الأشياء كلها