بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ
____________________________________
منقادة لإرادة الله تعالى لا يحيد عنها قدر شعرة ، وذكر (بِالْغُدُوِّ) أي الصباح (وَالْآصالِ) جمع أصيل وهو العصر ، كأنه لتعميم الظل ، حتى لا يتوهم أنه خاص بالظلّ قبل الظهر مقابل الفيء الذي هو ظل بعد الظهر؟ من فاء يفيء إذا رجع ، وكان الإتيان ب «بالآصال» جمعا مع الإتيان بالغدو مفردا للتناسب مع «في ضلال» في الآية السابقة ، ولا يخفى أن الكافر والملحد أيضا يسجد لله ، ويسجد ظله ، لكن بالسجود التكويني الذي يسجد بنحوه جميع الأشياء ، فجسد الكافر ، خاضع لناموس الكون الذي قرره الله سبحانه غاية الخضوع ، لا يتمكن أن يحيد عنه قدر شعرة ، وإنما يأبى السجود التشريعي له سبحانه ، فلا يضع جبهته على الأرض ، ولا يخضع لله غاية الخضوع ، جهلا.
[١٧] وفي هذا الجو المدهش ، يتوجه إليهم بالأسئلة ، ليجيبوا عنها ، كما شاهدوا من ذي قبل ، فإنك إذا أردت أن تلجأ إنسانا إلى السير معك في فكرك ونظرك ، جئت إليه بالواقع الذي لا يتمكن أن يحيد عنه ثم تسأل منه ، كما أنك لو أردت اعترافه بأن سيارتك أجمل من سيارته ، جئت إليه بها ، ثم تقول له أيهما أجمل ، وقد أتى السياق هنا جملة من الآيات الكونية ، وألفت الأنظار إليها ، ثم يسأل (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار (مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)؟ هل هو الله أم أصنامكم؟ إنهم لا يحرون جوابا ، لأن الجواب الحقيقي لا يريدونه ، والجواب الذي لا يناسب عبادتهم لا يرون له مجالا ، فكيف يقولون إن رب تلك الآيات الكثيرة المدهشة المتقدمة هي الأصنام التي لا تعقل؟ ف (قُلْ) أنت يا رسول الله في الجواب : إن رب السماوات والأرض هو (اللهُ) وحده ، ثم (قُلْ) يا رسول الله لهم