أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ
____________________________________
(أَفَاتَّخَذْتُمْ) هل عبدتم (مِنْ دُونِهِ) من دون الله (أَوْلِياءَ) أصناما تتولونها وتعبدونها وتمحضون لها الولاية والمحبة؟ إنه عمل قبيح ، أن يترك الإنسان خالق السماوات والأرض ، ويتخذ إلها غيره لا يسمع ولا يعقل ، والحال أن هذه الأصنام (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) فلا يقدر الصنم أن يجلب لنفسه نفعا ، ولا أن يدفع عن نفسه ضرا فكيف يكون إلها ما لا يقدر حتى على نفع نفسه ، ودفع الضر عنه؟ وقد تقدم ، أن الإتيان بالجمع العاقل نحو «لا يملكون» تماشيا مع زعم المشركين ، ومن المعلوم أن المشركين يسكتون هنا أيضا ، إذ يرون الحق في جانب الرسول ، ولكنهم لا يقدرون على الجواب ف (قُلْ) لهم يا رسول الله (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ)؟ والجواب ـ طبعا ـ لا يستويان ، فكيف اتخذوا الصنم الأعمى ـ الذي لا يبصر ـ إلها ، وتركوا الخالق البصير بكل شيء؟ ثم قل لهم (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)؟ والجواب ـ طبعا ـ لا يستويان ، فكيف اتخذوا الصنم الذي هو ظلمة ـ لا ظاهر بنفسه ولا مظهر لغيره ـ إلها ـ ، وتركوا الخالق الذي هو نور السماوات والأرض ، ظاهر بذاته مظهر لغيره؟ (أَمْ) كيف (جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ)؟ بعد تمام الحجة ووضوح الدليل ، فهل (خَلَقُوا) أي خلقت هذه الأصنام التي جعلوها شركاء لله ، أشياء (كَخَلْقِهِ) أي مثل ما خلق سبحانه أشياء (فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) أي فاشتبهت مخلوقات الله بمخلوقات