قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (١٦)
____________________________________
الأصنام ، فعبدوا الأصنام ، كما عبدوا الله سبحانه ، حتى يكونوا معذورين في الشرك ، وإنما جيء بقوله «فتشابه» مع إنه ليس من مصب الكلام ، ومورد النفي والإثبات ، لبيان أنه لو كانت الأصنام خلقت شيئا ، كان لهم الحق ، في أن يقولوا : إنا قد تشابه الأمر علينا ، إذ رأينا أن الأصنام تخلق كما خلق الله ، فقلنا إنها آلهة ، كما إن الله إله ، أما والأصنام ، لم تخلق شيئا ، فلا يحق لهم عبادتها ، إذ ليس لها من مقومات الالوهية شيء ، ... وأخيرا (قُلْ) يا رسول الله لهم (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) فلا خالق سواه ، فإن قيل : فما معنى «أحسن الخالقين» مما يدل على أن غيره أيضا خالق؟ قلنا أن ذلك على ضرب من المجاز والتشبيه ، لا الحقيقة ـ كما هو واضح ـ (وَهُوَ الْواحِدُ) لا شريك له (الْقَهَّارُ) الغالب على كل شيء ، فلا شيء في عداده ، إذ لو كان شيء مثله ، لم يعمه قهر الله سبحانه وغلبته ، فإذا كان تعالى غالبا على كل شيء ، دل على إنه ليس شيء في عداده ، خارج عن قهره وغلبته.
[١٨] ثم ضرب ـ سبحانه ـ مثلا للحق الباقي ، والباطل الذاهب ، بما يلائم سياق الآيات السابقة ، فقد كان الكلام سابقا حول البرق ، والرعد ، والسحاب المثقل بالأمطار ، وباسط كفيه إلى الماء ، ويأتي المثل ليمثل للحق بالماء الهادئ الساكن النافع الباقي ، وللباطل بالزبد الذي يطفو فوق الماء ، حتى يراه الإنسان أعلى من الماء ، لكن هذا الباطل الرابي ، لا يمر زمان حتى يذهب ويبطل ، وذلك الماء يبقى ليحيي وينتفع به ، وكذلك من هذا القبيل ما يذاب من المعادن ، فإن الزبد يطفو فوقه ، والخالص يبقى تحته ، فيبطل الزبد ، ويبقى الخالص ، ليتجمل به