وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا
____________________________________
لهم دينا (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) فقد كانوا يخافون الكفار من إظهار دينهم وإعلام شعائره ، لكن الله سبحانه ـ إذا آمنوا صدقا ، وعملوا الصالحات ـ يجعلهم سادة حتى لا يخافون أحدا ، فيتبدل خوفهم بالأمن ، وهؤلاء (يَعْبُدُونَنِي) عبادة صادقة (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) فالخضوع له سبحانه ، لا للمال والمنصب والشهوات وما أشبهها ، إن من يمكنه الله في الأرض هو المتصف بهذا الوصف (وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ) الذي مكنه الله سبحانه في الأرض ، بل خرج عن طاعة الله سبحانه بعد أن هيأ له الجو ومهد له البلاد (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي الخارجون عن الحدود ، فإن الفسق بمعنى الخروج ، لأنهم خرجوا عن الشرط ، وكأنه تهديد بالزوال ، إذ من خرج عن الشرط هدد ملكه بالزوال ، وقد رأينا ذلك في تاريخ الإسلام حين كفر الملوك بنعمة الله ، وخرجوا عن أمره وشرطه ، حيث انساقوا وراء الشهوات ، وإذا بهم يخرجون عن الأرض ، وتطوى سيادتهم وملكهم ، وقد وردت أحاديث كثيرة في أن الآية إنما هي في شأن الإمام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه ، وفي شأن شيعة أهل البيت ، ومن المعلوم أن ذلك من أظهر مصاديق هذه الكلية المذكورة في الآية.
[٥٧] وإذ كان الشرط العمل الصالح يذكر السياق بعض أقسامه المهمة بقوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) بحدودها وآدابها (وَآتُوا) أي أعطوا (الزَّكاةَ) إما المراد الزكاة المفروضة أو مطلق الصدقة (وَأَطِيعُوا