وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦)
____________________________________
قال سبحانه : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) (١) وقال : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (٢) وإذا كان الله سبحانه هو الذي تكفل بالدنيا ، فما هذا الاهتمام ـ من نقض عهد الله ـ للأمور الدنيوية؟ (وَفَرِحُوا) أي فرح هؤلاء الناقضون (بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ، وبطروا بها ناسين الآخرة مخصصين فرحهم كله للدنيا (وَ) الحال أنه (مَا الْحَياةُ الدُّنْيا) من أولها إلى آخرها (فِي الْآخِرَةِ) «في» بمعنى النسبة ، والاضافة ، أي بالنسبة إلى الآخرة (إِلَّا مَتاعٌ) قليل ، يتمتع به الإنسان ، وأما الآخرة فهي الدار الباقية ، التي فيها أنواع النعم والكرامة ، ثم أن كون الله سبحانه ، هو الباسط للرزق ، والمضيق له ، بمعنى أنه يقدر هذا لهذا ، وذاك لغيره ، ولذا نرى رب فطن كاد ليس له إلا القليل ، ورب بليد كسول ، تأتيه الدنيا صاغرة ، قال الشاعر :
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه |
|
وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا |
هذا الذي أوجب الإيمان في «أحد» |
|
يدبر الأمر توسيعا وتضييقا (٣) |
نعم للعمل حظ بقدر ما جعله سبحانه سببا ، فإن العمل ـ بقدر ـ والغيب كلاهما دخيلان في أمر من الأمور الإدارية.
[٢٨] وإذ تقدم الكلام حول الذين ينقضون عهد الله بعدم الإيمان به ، فإنهم هم الذين لا يؤمنون بالرسول ، لأعذار واهية
__________________
(١) الطلاق : ٨.
(٢) الأنبياء : ٨٨.
(٣) البيت الثاني للمؤلف.