أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢) أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ
____________________________________
السالفة ، لكنه تعالى يعذبهم مرة ، فمرة بقوارع من الضيق والفقر والضر ، وتسلط الأعداء عليهم ، ونحو ذلك (أَوْ تَحُلُ) القارعة (قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) فتروعهم وتخيفهم وتدعهم في قلق وانتظار لمثلها (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) الذي وعده باستئصال المجرمين ونصر المؤمنين عليهم (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) ووعده آت لا محالة.
[٣٣] إن الله سبحانه لا بد وأن يصيب الكفار بالقوارع ، كما فعل بمن غبر من الأمم ممن كذبوا الرسل (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) يا رسول الله ، كما استهزئ بك ، فإن من عادة الجهال أن يستهزءوا ، إذا لم تكن لهم حجة في قبال المرشد الناصح (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) الإملاء ، هو أن يقرأ الإنسان شيئا ليكتبه غيره ، وهذا كناية عن إمهال الكفار أي شرعت أعدّد ما يفعلون من الآثام والاجرام ، لتملأ القائمة المقدرة لهم (ثُمَ) حين استوفوا الأجل المقدر (أَخَذْتُهُمْ) أهلكتهم ، وأنزلت عذابي عليهم (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) أي فكيف حل بهم عقابي ، وهو استفهام للتفخيم ، إشارة لعظمة عذابه سبحانه الذي عذبهم به.
[٣٤] وإذا تمت الحجة مع الكفار الذين استهزءوا بالرسل ، وأنكروا المبدأ والمعاد ، فليعطف الكلام مع المشركين الذين يجعلون مع الله شركاء (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) فهو ناظر إلى أعماله مطلع