بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ
____________________________________
لها من الواقع والحقيقة (بَلْ) الواقع أن جعل هؤلاء لله شركاء من جهة أنه (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ) فإن الإنسان إذا أعرض عن الحق يمكر ، أي يدبر خفية أمرا ، ليجعله في قبال الحق ، وهذا في بادئ الأمر يكون مجرد عمل ضد الحق ، ومكر لإطفاء الهدى ، ثم لا يلبث أن يتزين في نفسه ، لأن مرور الزمان يوجد العلاقة بينه وبين المكر ، كما قال سبحانه (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) (١) وثم يتعلق به تعلقا شديدا ، حتى يكون عقيدة راسخة (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ) الواضح سبيل الله تعالى ، وإنما صدهم استمرارهم في مكافحة الحق ، حتى صارت وقفتهم ضد الحق حالة لهم ، ولذا تركهم الله سبحانه وشأنهم (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يتركه وشأنه حتى يستحكم ضلاله ، بعد أن أرشده ، فلم يقبل (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يهديه إذ الهادي هو الله وحده وقد أعرض عن هداه.
[٣٥] (لَهُمْ) أي لهؤلاء الذين أشركوا بالله (عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فإن الانحراف عن نهج الله سبحانه ، حيث يصادم نواميس الكون ، لا بد وأن يسبب للمنحرفين العذاب الجسمي والروحي بالأمراض والعداء والقلق ، وما أشبه ، هذا بالإضافة إلى تعذيبهم بالقتل والأسر والسبي بأيدي المسلمين (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ) المعد لهم (أَشَقُ) أكثر مشقة ،
__________________
(١) فاطر : ٩.