ويقال إذا ذكروا أنّ الله ذكرهم استروحت قلوبهم ، واستبشرت أرواحهم ، واستأنست أسرارهم ، قال تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) لما نالت بذكره من الحياة ، وإذا كان العبد لا يطمئن قلبه بذكر الله ، فذلك لخلل فى قلبه ، فليس قلبه بين القلوب الصحيحة.
قوله جل ذكره : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ (٢٩))
طابت أوقاتهم وطابت نفوسهم.
ويقال طوبى لمن قال له الحقّ : طوبى.
طوبى لهم فى الحال ، وحسن المآب فى المآل.
قوله جل ذكره : (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ)
لئن أرسلناك بالنبوة إليهم فلقد أرسلنا قبلك كثيرا من الرسل ، ولئن أصابك منهم بلاء فلقد أصاب من قبلك كثير من البلاء ، فاصبر كما صبروا تؤجر كما أجروا.
قوله جل ذكره : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ)
لئن كفروا بنا فآمن أنت ، وإذا آمنت فلا تبال بمن جحد ، فإنّك أنت المقصود من البريّة ، والمخصوص بالرسالة والمحبة.
لو كان يجوز فى وصفنا أن يكون لنا غرض فى أفعالنا.
ولو كان الغرض فى الخلقة فأنت سيد البشر ، وأنت المخصوص من بين البشرية بحسن الإقبال (١) ، فهذا مخلوق يقول فى مخلوق :
__________________
(١) هذه أقصى درجة فى التصور لشخصية الرسول صلوات الله عليه ـ في نظر هذا الصوفي .. قارن ذلك بأقوال باحت آخر كابن عربى أو الجبلي عن «الإنسان الكامل» ، لتلحظ الفرق الهائل بين الاتجاهين.