السورة التي يذكر فيها الأنبياء
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
بسم الله اسم عزيز من توسّل إليه بطاعته تفضّل عليه بجميل نعمته ؛ إن أطاع فضّله ، وإن أضاع أمهله ، ثم إن آب وأقر .. ذكره ، وإن عصى وعاب ستره ، فإن تنصّل رحمه ، وإن تكبر قصمه (١).
اسم عزيز ما استنارت الظواهر إلّا بآثار توفيقه ، وما استضاءت السرائر إلا بأنوار تحقيقه ؛ بتوفيقه وصل العابدون إلى مجاهدتهم ، وبتحقيقه وجد العارفون كمال مشاهدتهم ، وبتمام مجاهدتهم وجدوا آجل مثوبتهم ، وبدوام مشاهدتهم نالوا عاجل قربتهم.
قوله جل ذكره : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١))
فالمطيعون منهم عظم لدينا ثوابهم ، والعاصون منهم حقّ منّا عقابهم.
(فِي غَفْلَةٍ) يقال الغفلة على قسمين : غافل عن حسابه باستغراقه فى دنياه وهواه ، وغافل عن حسابه لاستهلاكه فى مولاه ؛ فالغفلة الأولى سمة الهجر والغفلة الثانية صفة الوصل ؛ فالأولون لا يستفيقون من غفلتهم إلا من سكرة الموت ، وهؤلاء لا يرجعون عن غيبتهم أبد الأبد لفنائهم فى وجود الحق تعالى (٢).
قوله جل ذكره : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢)) :
__________________
(١) يمكن القول أن هناك نوعا من الترابط والانسجام بين إشارات البسملة ـ على هذا النحو ـ وبين جزئيات السورة ، حيث انقسم الناس إزاء الأنبياء إلى مصدق ومكذب ، ومؤمن وجاحد .. ونال كل جزاءه.
(٢) تهمنا هذه الإشارة عند دراسة المصطلح الصوفي ؛ فالغفلة نوعان : مذمومة ومحمودة ؛ غفلة ناشئة عن الهجر وغفلة ناشئة عن الوصل.