السورة التي تذكر فيها التوبة
جرّد الله ـ سبحانه ـ هذه السورة عن ذكر (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ليعلم أنه يخصّ من يشاء وما يشاء بما يشاء ، ويفرد من يشاء وما يشاء بما يشاء ، ليس لصنعه سبب ، وليس له فى أفعاله غرض ولا أرب ، واتّضح للكافة أن هذه الآية أثبتت فى الكتاب لأنها منزّلة ، وبالأمر هنا لك محصّلة.
ومن قال : إنه لم يذكر التسمية فى هذه السورة لأنها مفتتحة بالبراءة عن الكفار فهو ـ وإن كان وجها فى الإشارة ـ فضعيف ، وفى التحقيق كالبعيد ؛ لأنه افتتح سورا من القرآن بذكر الكفار مثل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) وقوله : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (٢) وقوله : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (٣) وقوله : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (٤) ...
هذه كلها مفاتح للّسور ... وبسم الله الرحمن الرحيم مثبتة فى أوائلها ـ وإن كانت متضمّنة ذكر الكفار. على أنه يحتمل أن يقال إنها وإن كانت فى ذكر الكفار فليس ذكر البراءة فيها صريحا وإن تضمّنته تلويحا ، وهذه السورة أو لها ذكر البراءة منهم قطعا ، فلم تصدّر بذكر الرحمة.
ويقال إذا كان تجرّد السورة عن هذه الآية يشير إلى أنها لذكر الفراق فبالحرىّ أن يخشى أنّ تجرد الصلاة عنها يمنع عن كمال الوصلة والاستحقاق.
قوله جل ذكره : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١))
__________________
(١) آية ١ سورة البينة.
(٢) آية ١ سورة الهمزة.
(٣) آية ١ سورة المسد
(٤) آية ١ سورة الكافرون