قوله جل ذكره : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢))
أي رددناهم إلى حال صحوهم وأوصاف تمييزهم ، وأقمناهم بشواهد التفرقة بعد ما محوناهم عن شواهدهم بما أقمناهم بوصف الجمع.
قوله جل ذكره : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ)
لمّا كانوا مأخوذين عنهم تولّى الحق ـ سبحانه ـ أن قصّ عنهم ، وفرق بين من كان عن نفسه وأوصافه قاصّا ؛ لبقائه فى شاهده وكونه غير منتف بجملته .. وبين من كان موصوفا بواسطة غيره ؛ لفنائه عنه وامتحائه منه وقيام غيره عنه.
ويقال لا تسمع قصة الأحباب أعلى وأجلّ مما تسمع من الأحباب ، قال عزّ من قائل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) ، وأنشدوا :
وحدّثتني يا سعد عنها فزدتنى |
|
حنينا فزدنى من حديثك يا سعد |
قوله : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) : يقال إنهم فتية لأنهم آمنوا ـ على الوهلة ـ بربّهم ، آمنوا من غير مهلة ، لمّا أتتهم دواعى الوصلة (١).
ويقال فتية لأنهم قاموا لله ، وما استقروا حتى وصلوا إلى الله.
قوله جل ذكره : (وَزِدْناهُمْ هُدىً وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ)
لاطفهم بإحضارهم ، ثم كاشفهم فى أسرارهم ، بما زاد من أنوارهم ، فلقّاهم أولا التبيين ، ثم رقاهم عن ذلك باليقين.
__________________
(١) لاحظ أهمية ذلك فى فهم معنى (الفتوة) عند الصوفية.