هل يقول ما يقول بتعريف منا؟ أم هل اتخذ مع الله عهدا؟ ليس الأمر كذلك.
ودليل الخطاب يقتضى أن المؤمن إذا ظن بالله تعالى ظنا جميلا ، أو أمّل منه أشياء كثيرة فالله تعالى يحققها له ، ويصدق ظنّه لأنه على عهد مع الله تعالى ، والله تعالى لا يخلف عهده.
قوله جل ذكره : (كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠))
كلا .. ليس الأمر على ما يقول ، وليس لقولهم تحقيق ، بل سنمدلهم من العذاب مدا أي سنطيل فى العذاب مدتهم.
(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ ...) لن نمتّعه بأولاده وحشمه وخدمه وقومه ، ويعود إلينا منفردا عنهم.
قوله جل ذكره : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢))
حكموا بظنهم الفاسد أنّ أصنامهم تمنعهم ، وأنّ ما عبدوه من دون الله تعالى توجب عبادتهم لهم عند الله تعالى وسيلة .. وهيهات! هيهات أن تكون لمغاليط حسبانهم تحقيق ، بل إذا حشروا وحشرت أصنامهم تبّرأت أصنامهم منهم ، وما أمّلوا نفعا منها عاد ضررا عليهم.
ويقال طلبوا العزّ فى أماكن الذل ، فأخفقوا فى الطلب ، ونفوا عن المراد.
قوله جل ذكره : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣))
تؤزهم أي تزعجهم ، فخاطر الشيطان يكون بإزعاج وغمّة ، وخاطر الحقّ يكون بروح وسكينة ، وهذه إحدى الدلائل بينهما.