لم يتقدمهم فى الفضيلة ـ إلى يومنا ـ أحد (١) ؛ فأولئك مقطوع بإمامتهم ، وصدق وعد الله فيهم ، وهم على الدين المرضىّ من قبل الله ، ولقد أمنوا بعد خوفهم ، وقاموا بسياسة المسلمين ، والذّبّ عن حوزة الإسلام أحسن قيام.
وفى الآية إشارة إلى أئمة الدين الذين هم أركان الملّة ودعائم الإسلام ، الناصحون لعباده ، الهادون من يسترشد فى الله ؛ إذ الخلل فى أمر المسلمين من الولاة الظّلمة ضرره مقصور على ما يتعلّق بأحكام الدنيا ، فأما حفّاظ الدين فهم الأئمة من العلماء وهم أصناف :
قوم هم حفّاظ أخبار الرسول عليهالسلام وحفّاظ القرآن وهم بمنزلة الخزنة ، وقوم هم علماء الأصول الرادّون على أهل العناد وأصحاب البدع بواضح الأدلة ، وهم بطارقة الإسلام وشجعانه.
وقوم هم الفقهاء المرجوع إليهم فى علوم الشريعة من العبادات وكيفية المعاملات وما يتعلق بأحكام المصاهرات وحكم الجراحات والدّيّات ، وما فى معانى الأيمان والنذور والدعاوى ، وفصل الحكم فى المنازعات وهم فى الدين بمنزلة الوكلاء والمتصرفين فى الملك.
وقوم هم أهل المعرفة وأصحاب الحقائق وهم فى الدّين كخواصّ الملك وأعيان مجلس السلطان ؛ فالدين معمور بهؤلاء ـ على اختلافهم إلى يوم القيامة.
قوله جل ذكره : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧))
إنّ الباطل قد تكون له دولة ولكنها تخييل ـ وما لذلك بقاء ـ وأقلّ لبثا من عارض ينشأ عن الغيظ.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ
__________________
(١) فى م بعدها (وما بعدهم مختلف فيهم).