وثانيا : إنّ نفس الفعل من حيث هو ليس لطفا ، ولذا لو اتي به (١٦٧٧) لا على وجه الامتثال لم يصح ولم يترتّب عليه لطف ولا أثر آخر من آثار العبادة الصحيحة ، بل اللطف إنّما هو في الإتيان به على وجه الامتثال ، وحينئذ : فيحتمل أن يكون اللطف منحصرا في امتثاله التفصيلي مع معرفة وجه الفعل ليوقع الفعل على وجهه ـ فإنّ من صرّح من العدليّة بكون العبادات السمعيّة إنّما وجبت لكونها ألطافا
______________________________________________________
لا بدّ أن تنشأ من حسن في المأمور به خاصّة كما هو المشهور بينهم ، ويدلّ عليه قول الأمير عليهالسلام في وصيته لابنه الحسن عليهالسلام : «يا حسن إنّ الله لا يأمر إلّا بالحسن» أو يجوز أن ينشأ من حسن في نفس الأمر وإن خلا المأمور به منه بالكليّة ، كما في الأوامر الابتلائيّة ، بل الأوامر الظاهرية أيضا على تقدير تخلّفها عن الواقع في وجه ، كما حكي عن بعض أهل العدل ، وتبعه صاحب الفصول وغيره.
١٦٧٧. قد يقال بانتقاض هذا بالواجبات التوصّلية ، لوضوح عدم اختصاص النزاع بالواجبات التعبّدية ، ولا ريب في عدم اعتبار قصد التقرّب وكذا الوجه في الواجبات التوصليّة. اللهمّ إلّا أن يقال بخروجها من محلّ الكلام ، لأنّ المصالح والأغراض فيها واضحة. فإذا شكّ في شرطيّة شيء منها ، كما إذا شكّ في حصول الطهارة بالغسلة أو الغسلتين ، أو شرطيّة شيء في العقود أو الإيقاعات أو سائر الأحكام ، فأصالة البراءة عن الشرطيّة لا تقضي بحصول آثارها في الخارج ، لعدم دلالتها على كون المجرّد عن المشكوك فيه سببا مؤثّرا في الشرع ، إلّا على القول بالاصول المثبتة. مع أنّ معنى أصالة البراءة كما ستعرفه هو مجرّد نفي العقاب ، ولا مسرح له في الأحكام الوضعيّة.
لا يقال : فما معنى أصالة عدم الشرطيّة في العبادات ، مع أنّها من الأحكام الوضعيّة؟
لأنّا نقول : إنّ معناها عند الشكّ في شرطيّة شيء من العبادة هو عدم ترتّب العقاب من جهة هذا المشكوك فيه ، ولو باعتبار كون تركه مفضيا إلى ترك نفس