وأمّا القسم الثاني ، وهو الشكّ في كون الشيء قيدا للمأمور به : فقد عرفت أنّه على قسمين (١٧٤٦) ، لأنّ القيد قد يكون منشؤه فعلا خارجيّا مغايرا للمقيّد في الوجود الخارجي كالطهارة الناشئة من الوضوء ، وقد يكون قيدا متّحدا معه في الوجود الخارجي. أمّا الأوّل : فالكلام فيه هو الكلام فيما تقدّم ، فلا نطيل بالإعادة. وأمّا الثاني : فالظاهر اتّحاد حكمهما.
وقد يفرّق بينهما بإلحاق الأوّل بالشك في الجزئيّة دون الثاني ؛ نظرا إلى جريان العقل والنقل الدالّين على عدم المؤاخذة على ما لم يعلم من الشارع المؤاخذة عليه في الأوّل ؛ فإنّ وجوب الوضوء إذا لم يعلم المؤاخذة عليه كان التكليف به ـ ولو مقدّمة ـ منفيّا بحكم العقل والنقل ، والمفروض أنّ الشرط الشرعيّ إنّما انتزع من الأمر بالوضوء في الشريعة ، فينتفي بانتفاء منشأ انتزاعه في الظاهر. وأمّا ما كان متّحدا مع المقيّد في الوجود الخارجي كالإيمان في الرقبة المؤمنة ، فليس ممّا يتعلّق به وجوب و
______________________________________________________
١٧٤٦. المستفاد من كلامه هنا وفيما يأتي أنّ الشروط على أقسام :
أحدها : ما كان خصوصيّته منتزعة من أمر خارجي مغاير للمأمور به في الوجود الخارجي ، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، لكونها منتزعة من أفعال الوضوء والغسل.
وثانيها : ما كان خصوصيّته متّحدة مع المأمور به من دون أن تكون منتزعة من أمر آخر مغاير للمأمور به ، كالإيمان في قولنا : أعتق رقبة مؤمنة. والشكّ في هذه الخصوصيّة تارة يتعلّق باعتبارها في المأمور به وعدمه ، بأن يدور الأمر بين كون المأمور به هي الطبيعة من دون أن تعتبر في تحصيلها خصوصيّة متّحدة معها في الوجود الخارجي ، فيثبت التخيير بين أفرادها عقلا ، وبين كون الطبيعة بشرط خصوصيّة خاصّة ، كما عرفته من مثال عتق الرقبة ، فيدور الأمر حينئذ بين التعيين والتخيير العقلي. واخرى يتعلّق باعتبار خصوصيّة معيّنة في المأمور به وعدمه ، بأن تعلم مطلوبيّة الطبيعة مع الخصوصيّة في الجملة ، ويشكّ في أنّ المطلوب هي الطبيعة مع الخصوصيّة المعيّنة ، أو مع إحدى الخصوصيّات المعيّنات في الخارج ، كما يأتي من