.................................................................................................
______________________________________________________
المتباينين هو نفي كونه من قبيل الأقلّ والأكثر بحيث يندرج الأقلّ تحت الأكثر ، حتّى يثمر في عدم جريان حكمهما ـ وهي البراءة ـ فيه ، لا دعوى كونه من قبيل ما دار الأمر فيه بين أمرين متباينين نظير الظهر والجمعة ، لوضوح دوران الأمر فيما نحن فيه بين وجوب خصوص فرد معيّن ووجوب الطبيعة المقيّدة بإحدى الخصوصيّتين المتّحدة معها في الخارج ، وهذا وإن لم يعدّ أمرين متباينين إلّا أنّه في حكمهما ، في كون أصالة البراءة عن وجوب أحدهما معارضة بأصالة البراءة عن وجوب الآخر ، بعد ما عرفت من عدم تحقّق قدر مشترك بينهما.
وأمّا ما تنظّر به المصنّف قدسسره فيما قدّمناه من أنّ مقتضى أدلّة البراءة من العقل والنقل نفي الإلزام بما لا يعلم ورفع كلفته ، وأنّ المقيّد يشمل على كلفة زائدة وإلزام زائد على ما في التكليف بالمطلق ، وإن كان المطلق عين وجود المقيّد في الوجودات الخارجة.
فمنظور فيه ، أمّا أوّلا : فإنّه إن أراد بنفي الإلزام الزائد نفي إلزام زائد على إلزام الطبيعة ، بمعنى أن يتعلّق بالمقيّد على تقدير كونه هو المكلّف به في الواقع إلزامان ، أحدهما بالطبيعة ، والآخر بالخصوصيّة ، ففيه : أنّك قد عرفت عدم قابليّة الخصوصيّة لتعلّق إلزام مستقلّ بها. وإن أراد به نفي تعلّق إلزام الشارع بالمقيّد الذي يزيد على الطبيعة في الوجود ليثبت به تعلّقه بالطبيعة ، ففيه : أنّه لا يتمّ إلّا على القول بالاصول المثبتة ، فتأمّل.
وأمّا ثانيا : فإنّ أصالة البراءة لو نهضت لنفي التكليف عمّا كانت فيه زيادة كلفة ، لنهضت دليلا على اعتبار أصل مؤسّس في كتب القوم من الأخذ بالأخفّ عند دوران الأمر بينه وبين الأثقل ، وإن كان بينهما تباين كلّي ، ولا يقول به المصنّف رحمهالله ، ولذلك لم يفصّل في المتباينين بذلك.
وأمّا ثالثا : فإنّ مقتضى أدلّة البراءة مثل قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» نفي الضيق الحاصل من جهة الحكم المجهول ، لا من جهة الكلفة الحاصلة في نفس