.................................................................................................
______________________________________________________
بحسب الواقع ، إذ لا ريب أنّه كنفس الصلاة ، فكما أنّ التكليف بها في الواقع لا يرتفع بالنسيان أو النوم أو نحوهما ، كذلك التكليف بأجزائها ، غاية الأمر أن يكون النسيان مانعا من تنجّز التكليف به لا سببا لارتفاعه في الواقع.
وعلى الثالث أنّه غير معقول كما أشار إليه المصنّف رحمهالله ، لأنّ الناسي غافل عن نسيانه ، وإنّما يأتي بما يأتي به بقصد أنّه المكلّف به الواقعي ، فكيف يكلّف بالباقي؟ كيف لا ولو كان ملتفتا إلى نسيانه لم يكن ناسيا. فالأولى هو الالتزام بسقوط التكليف عن الناسي بالمركّب الواقعي ، لفرض نسيانه عن بعض أجزائه ، وعدم تكليفه بالباقي ، لعدم تعقّله كما عرفت. ولا فرق في بطلان كون الباقي بدلا من المركّب الواقعي بين دعوى كونه بدلا واقعيّا عنه أو بدلا ظاهريّا منه معتبرا في مقام النسيان ، كما يظهر وجهه ممّا قدّمناه.
نعم ، لو قام دليل آخر على اقتناع الشارع بالمأتيّ به عن امتثال الواقع ، وإن لم يكن مأمورا به في الواقع ولا في الظاهر ، من باب إقامة أمر أجنبيّ مقام الواقعي وجعله بدلا منه ، فلا كلام لنا فيه ، لأنّ الكلام هنا مع قطع النظر عن الأدلّة الخارجة ، مع أنّه لا دليل عليه أيضا كما ستعرفه. نعم ، يمكن أن يقال : إنّ ما ذكرنا إنّما يتأتى بالنسبة إلى الأجزاء دون الشرائط ، لأنّ التكليف بالباقي عند نسيان بعض أجزاء المركّب إنّما لا يصحّ لكون التكليف مشروطا بالالتفات ، والفرض أنّ الناسي إنّما يأتي بالباقي بقصد التمام. وهذا إنّما يتمّ بالنسبة إلى الأجزاء دون الشروط ، لعدم اعتبار الالتفات إلى كون المأتيّ به جامعا للشروط المعتبرة فيه في حصول الامتثال به ، ولذا لو غفل عن كونه متوضّأ فصلّى ثمّ التفت إليه صحّت صلاته ، بخلاف ما لو صلّى راكعا وساجدا فيها من دون قصد إليهما ، لأجل غفلته عن كون الركوع والسجود جزءين من الصلاة ، فلا بأس حينئذ أن يجعل الشارع بعض الشروط شرطا في حال الالتفات دون النسيان.