فيه ـ شكّا في القاطعيّة.
وحاصل الفرق بينهما : أنّ عدم الشيء في جميع آنات الصلاة قد يكون بنفسه من جملة الشروط ، فإذا وجد آناً ما فقد انتفى الشرط على وجه لا يمكن تداركه ، فلا يتحقّق المركّب من هذه الجهة ، وهذا لا يجدي فيه القطع بصحّة الأجزاء السابقة فضلا عن استصحابها.
وقد يكون اعتباره من حيث كون وجوده قاطعا ورافعا للهيئة الاتّصاليّة والارتباطيّة في نظر الشارع بين الأجزاء ، فإذا شكّ في رافعيّة شىء لها حكم ببقاء تلك الهيئة واستمرارها وعدم انفصال الأجزاء السابقة عمّا يلحقها من سائر الأجزاء.
وربّما يردّ استصحاب الصحّة بأنّه : إن اريد صحّة الأجزاء المأتيّ بها بعد طروّ المانع الاحتمالي فغير مجد ؛ لأنّ البراءة إنّما تتحقّق بفعل الكلّ دون البعض. وإن اريد إثبات عدم مانعيّة الطارئ أو صحّة بقيّة الأجزاء فساقط ؛ لعدم التعويل على الاصول المثبتة (٦) ، انتهى.
وفيه نظر يظهر ممّا ذكرنا ، وحاصله : أنّ الشكّ إن كان في مانعيّة شىء وشرطيّة عدمه للصلاة ، فصحّة الأجزاء السابقة لا تستلزم عدمها ظاهرا ولا واقعا ، حتّى يكون الاستصحاب بالنسبة إليها من الاصول المثبتة.
وإن كان في قاطعيّة الشيء ورفعه للاتّصال والاستمرار الموجود للعبادة في نظر الشارع ، فاستصحاب بقاء الاتّصال كاف ، إذ لا يقصد في المقام سوى بقاء تلك الهيئة الاتّصاليّة ، والشكّ إنّما هو فيه لا في ثبوت شرط أو مانع آخر حتّى يقصد بالاستصحاب دفعه ، ولا في صحّة بقيّة الأجزاء من غير جهة زوال الهيئة الاتّصالية بينها وبين الأجزاء السابقة ، والمفروض إحراز عدم زوالها بالاستصحاب.
هذا ، ولكن يمكن الخدشة فيما اخترناه من الاستصحاب بأنّ المراد بالاتّصال والهيئة الاتّصالية إن كان ما بين الأجزاء السابقة بعضها مع بعض ، فهو باق لا ينفع. وإن كان ما بينها وبين ما لحقها من الأجزاء الآتية ، فالشكّ في وجودها لا بقائها. وأمّا أصالة بقاء الأجزاء السابقة على قابليّة إلحاق الباقي بها ، فلا يبعد كونها من الاصول المثبتة (١٧٨٧).
______________________________________________________
١٧٨٧. ستعرف وجهه.