اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ استصحاب الهيئة الاتصاليّة من الاستصحابات العرفيّة الغير المبنيّة على التدقيق ، نظير استصحاب الكرّية في الماء المسبوق بالكرّية. ويقال في بقاء الأجزاء السابقة (١٧٨٨) على قابليّة الاتّصال : إنّه لما كان المقصود الأصلي من القطع وعدمه هو لزوم استئناف الأجزاء السابقة وعدمه وكان الحكم بقابليّتها
______________________________________________________
١٧٨٨. هذا تصحيح لجريان الاستصحاب وإخراج له من كونه مثبتا ، وذلك لأنّك قد عرفت ممّا ذكره عدم صحّة استصحاب الاتّصال الحاصل بين الأجزاء السابقة ، للقطع ببقاء هذا الاتّصال بينها بعد طروّ ما يشكّ في مانعيّته أيضا. وكذا استصحاب الاتّصال الحاصل بين الأجزاء السابقة واللاحقة ، للعلم بعدم وجوده قبل وجود ما يشكّ في مانعيّته ، فينتفي موضوع الاستصحاب ، فلا مجرى له على التقديرين.
وأمّا استصحاب بقاء الأجزاء السابقة على قابليّة إلحاق اللاحقة بها ، فهذا الأصل وإن كان جاريا إلّا أنّه مثبت ، لأنّ المقصود منه عدم وجوب استئناف الأجزاء السابقة بعد طروّ ما يشكّ في مانعيّته ، وهو لا يترتّب على المستصحب المذكور إلّا بواسطة عدم مانعيّة المشكوك فيه ، إلّا أن يقال بكون الواسطة خفيّة في نظر أهل العرف ، لأنّ الحكم المذكور ـ أعني : عدم وجوب الاستئناف ـ مرتّب في نظرهم على صحّة الأجزاء السابقة ، بمعنى بقائها على قابليّة إلحاق الباقية بها من دون التفات إلى كون عدم مانعيّة المشكوك فيه واسطة في الترتّب ، وبهذا يخرج الأصل من كونه مثبتا.
ومنه يظهر الفرق بين ما نحن فيه وبين استصحاب الكريّة في الماء المسبوق بها بعد أخذ مقدار منه يشكّ معه في بقائه عليها ، لأنّ المسامحة في المثال إنّما هي في بقاء الموضوع السابق ، حيث يقولون بعد أخذ مقدار منه يشكّ معه في بقائه على الكريّة : إنّ هذا الماء كان كرّا ، والمسامحة فيما نحن فيه إنّما هي في إلغاء الواسطة بتوهّم ترتّب الحكم ـ أعني : عدم وجوب الاستئناف ـ على صحة الأجزاء السابقة ، فلا تغفل.