فتلخّص من جميع ما ذكرنا (١٨٠٨) أنّ الأصل الأوّلي فيما ثبت جزئيّته : الركنيّة إن فسّر الركن بما يبطل الصلاة بنقصه. وإن عطف على النقص الزيادة عمدا وسهوا ، فالأصل يقتضي التفصيل بين النقص والزيادة عمدا وسهوا (١٨٠٩). لكنّ التفصيل بينهما غير موجود في الصلاة ؛ إذ كلّ ما يبطل الصلاة بالإخلال به سهوا يبطل بزيادته عمدا وسهوا ، فأصالة البراءة الحاكمة بعدم البأس بالزيادة معارضة ـ بضميمة عدم القول بالفصل ـ بأصالة الاشتغال الحاكمة ببطلان العبادة بالنقص سهوا. فإن جوّزنا الفصل (١٨١٠) في الحكم الظاهري الذي يقتضيه الاصول العمليّة فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعي ، فيعمل بكلّ واحد من الأصلين وإلّا فاللازم ترجيح (١٨١١) قاعدة الاشتغال على البراءة ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
١٨٠٨. هذا ملخّص لما ذكره في هذا الأمر الذي ذكر المسائل الثلاث في ذيله ، وما تقدّم من قوله : «فقد ثبت من جميع المسائل» بيان لملخّص ما ذكره في خصوص المسائل الثلاث.
١٨٠٩. يعني : بين الزيادة مطلقا والنقص سهوا. ولا بدّ في الزيادة السهويّة من استثناء صورة وجود الدليل على قدحها في صورة العمد. اللهمّ إلّا أن يقال بدخول ذلك في صورة النقص ، كما تقدّم من المصنّف رحمهالله في المسألة الثالثة.
١٨١٠. كما ثبت الفصل فيه فيما لا فصل في حكمه الواقعي في موارد مخصوصة ، مثل إقرار أحد الزوجين بالزوجيّة مع إنكار الآخر ، وأحد الوارثين بالنسب مع إنكار الآخر ، وهكذا.
١٨١١. لأنّ العقل بمجرّد عدم جريان أصالة البراءة ـ ولو لأجل المعارضة ـ يحكم بوجوب الاحتياط ، إذ عدم جريان قاعدة الاحتياط حتّى في الشبهات البدويّة إنّما هو لأجل استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فإذا فرض سقوط العقل عن الاستقلال بهذه الحكومة ـ ولو لأجل التعارض ـ استقلّ في حكمه بوجوب الاحتياط لدفع العقاب المحتمل. ومن هذا البيان يظهر أنّ العمل بقاعدة الاحتياط هنا ليس من جهة ترجيحها على قاعدة البراءة ، لما عرفت من عدم جريانها