أوّل الارتكاب بناء على حرمة التجرّي. فصور ارتكاب (١٥٨٢) الكلّ ثلاث ، عرفت كلّها.
الثاني : اختلف عبارات الأصحاب (١٥٨٣) في بيان ضابط المحصور وغيره ، فعن الشهيد والمحقّق الثانيين (٦) والميسيّ وصاحب المدارك : أنّ المرجع فيه إلى العرف ، فهو فما كان غير محصور في العادة ، بمعنى أنّه يعسر عدّه ، لا ما امتنع عدّه ؛ لأنّ كلّ ما يوجد من الأعداد قابل للعدّ والحصر. وفيه ـ مضافا إلى أنّه إنّما يتّجه إذا كان الاعتماد (١٥٨٤) في عدم وجوب الاجتناب على الإجماع المنقول على جواز
______________________________________________________
١٥٨٢. إحداها : ارتكاب الجميع من دون عزم عليه من أوّل الأمر. الثانية : ارتكابه مع العزم عليه من أوّل الأمر. الثالثة : ارتكابه بقصد التوصّل به إلى الحرام الواقعي ، بأن جعل ارتكاب الكلّ مقدّمة لارتكابه. وإلى الاولى أشار بقوله : «لكن مع عدم العزم على ذلك». وإلى الثانية بقوله : «وأمّا معه فالظاهر». وإلى الثالثة بقوله : «ولو قصد نفس الحرام».
١٥٨٣. لا ريب أنّ اختلافهم في ضابط المحصور وغيره ليس بحسب مفهومهما اللغوي ، لتبيّنه لغة ، حتّى إنّه قد يقال : إنّه لا مصداق لغير المحصور في الخارج بحسب الحقيقة اللغويّة ، إذ كلّ موجود محصور لا محالة. وإنّما الخلاف في بيان المراد منهما في كلمات العلماء ، فحملهما جماعة على ظاهر ما يتفاهم منهما عرفا. وفسّرهما بعض آخر بلازم معناهما. وعلى كلّ تقدير ، فالشبهة إنّما هي في مفهومهما ـ يعني : في المعنى المراد منهما ـ لا في مصداقهما بعد تبيّن مفهومهما. نعم ، قد يظهر خلاف ذلك من بعض كلماتهم ، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.
١٥٨٤. فيه إشارة إلى دفع ما أورد على الجماعة من أنّ جعل المرجع في المحصور وغير المحصور هو العرف إنّما يتمّ إذا وقع هذان اللفظان في الكتاب أو السّنة ، وليس كذلك ، لأنّهما إنّما وقعا في كلمات القوم. والكشف عن مفهومهما عرفا لا يستلزم كون هذا المفهوم العرفي موضوعا للحكم الشرعيّ ، وغايته أن يعتبر