فإنّا إذا فرضنا بيتا عشرين ذراعا في عشرين ذراعا ، وعلم بنجاسة جزء يسير منه يصحّ السجود عليه نسبته إلى البيت نسبة الواحد إلى الألف ، فأيّ عسر في الاجتناب عن هذا البيت والصلاة في بيت آخر؟ وأيّ فرق بين هذا الفرض وبين أن يعلم بنجاسة ذراع منه أو ذراعين ممّا يوجب حصر الشبهة؟ فإنّ سهولة الاجتناب وعسره لا يتفاوت بكون المعلوم إجمالا قليلا أو كثيرا. وكذا لو فرضنا أوقية من الطعام تبلغ ألف حبّة بل أزيد يعلم بنجاسة أو غصبيّة حبّة منها ، فإنّ جعل هذا من غير المحصور ينافي تعليل الرخصة فيه بتعسّر الاجتناب.
وأمّا ثانيا (١٥٨٦) : فلأنّ ظنّ الفقيه بكون العدد المعيّن جاريا مجرى المحصور في سهولة الحصر أو مجرى غيره ، لا دليل عليه.
______________________________________________________
١٥٨٦. هذا مبنيّ على كون مراد المحقّق الثاني بإعمال الظنّ في الموارد المشتبهة إعماله لتشخيص الموضوعات الصرفة ، لأنّها هي التي لا يعتبر فيها ظنّ الفقيه ، وإلّا فنقل الإجماع مستفيض على اعتبار ظنّه في الموضوعات المستنبطة. فنقول في تقريب ما أورده : إنّ ظاهره حيث جعل ضابط غير المحصور ما يعسر عدّه في زمان قصير ، ومع ذلك قد فرض في فوائد الشرائع له مصاديق مبيّنة الاندراج تحته ، وموارد مبيّنة الخروج من تحتها ، ومصاديق مشتبهة ، هو كون موارد الاشتباه من قبيل اشتباه المصاديق الخارجة ، وإلّا فلا ريب في كون ضابط عسر العدّ في زمان قصير مبيّنا بحسب المفهوم.
ويحتمل أن يكون مراده منع اعتبار ظنّ الفقيه مع كون الشبهة في المفهوم ، بناء على ما تقدّم منه عند بيان اعتبار الظنّ في اللغات وعدمه من اختياره عدم الاعتداد به ، وإن عدل عنه في الدورة الأخيرة من مباحثته التي لم تتمّ له ، وأدركه هادم اللذات قبل وصول البحث إلى هنا. وتقريب الإيراد حينئذ وفرض الشبهة في مفهوم الضابط واضح لمن أعطاه الله حظّا من الفطانة.