وأمّا ثالثا : فلعدم استقامة الرجوع في مورد الشكّ إلى الاستصحاب حتّى يعلم الناقل ؛ لأنّه إن اريد استصحاب الحلّ والجواز كما هو الظاهر من كلامه ، ففيه : أنّ الوجه المقتضي (١٥٨٧)
______________________________________________________
١٥٨٧. يرد عليه ـ مضافا إلى ما ذكره ـ أنّ الاستصحاب قد يقتضي الحرمة أو النجاسة في بعض الموارد ، كما إذا كان هنا أشياء يشكّ في عدّها غير محصورة وعلمت نجاسة جميعها أو حرمتها ، ثمّ علم إجمالا بعروض الطهارة أو الحلّية لها إلّا النادر منها.
ثمّ إنّا نزيد على ما ذكره المصنّف رحمهالله ببيان محتملات كلام المحقّق الثاني ، فنقول : إنّه إن أراد بالاستصحاب أصالة الإباحة الثابتة للأشياء في نفسها وقبل العلم الإجمالي الحاصل بحرمة بعضها ، يرد عليه : أنّ الإباحة الأصليّة لا تنافي الحرمة العارضة ، لأجل المقدّمة العلميّة للاجتناب عن الحرام المعلوم إجمالا ، كيف لو تمّ ذلك جرى في المحصور أيضا.
وإن أراد به أصالة إباحة الأشياء المشكوك في كونها محصورة ، أو غير محصورة بمعنى استصحاب إباحتها مع وصف هذا الشكّ ، يرد عليه : أنّه لم يعلم إباحتها بهذا الوصف في زمان حتّى يستصحب.
وإن أراد أصالة براءة الذمّة عن وجوب الاجتناب عن هذا الموضوع المشكوك كونه من المحصور أو غيره ، يرد عليه : أنّ مقتضى القاعدة حينئذ وجوب الاجتناب عنه. وتوضيح المقام : أنّه مع اشتباه المحصور بغير المحصور ، إمّا من جهة الاختلاف في تفسير ضابط غير المحصور ، وعدم الاطمئنان بشيء من تفاسيرهما ، وإمّا من جهة اختيار بعضها ووقوع الاشتباه في بعض مصاديقه ، ففي كون المرجع فيه أصالة البراءة حتّى يلحق بغير المحصور ، أو الاشتغال حتّى يلحق بالمحصور ، وجوه :
أحدها : كون المرجع فيه استصحاب البراءة ، كما نقله المصنّف رحمهالله عن فوائد