وأمّا بناء على وجوب الاحتياط عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ؛ فلأنّ وجوب الاحتياط فرع بقاء وجوب الشرط الواقعي المردّد بين الفعل والترك ، وإيجابه مع الجهل مستلزم لإلغاء شرطيّة الجزم بالنيّة واقتران الواجب الواقعي بنيّة الإطاعة به بالخصوص مع التمكّن (١٨٦٠) ، فيدور الأمر بين مراعاة ذلك الشرط المردّد وبين مراعاة شرط الجزم بالنيّة.
وبالجملة : فعدم وجوب الاحتياط في المقام لمنع اعتبار ذلك الأمر المردّد بين الفعل والترك في العبادة واقعا في المقام ـ نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة ، لمنع شرطيّة الاستقبال مع الجهل ـ لا لعدم وجوب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به. هذا ، وقد يرجّح الثاني وإن قلنا بعدم وجوبه (١٨٦١) في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ؛ لأنّ مرجع الشكّ هنا إلى المتباينين ؛ لمنع جريان أدلّة (١٨٦٢) نفي الجزئيّة والشرطيّة عند الشكّ في المقام من العقل والنقل.
وما ذكر من أنّ إيجاب الأمر الواقعي المردّد بين الفعل والترك مستلزم لإلغاء الجزم بالنيّة مدفوع بالتزام ذلك ، ولا ضير فيه ؛ ولذا وجب تكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين وإلى الجهات الأربع وتكرار الوضوء بالماءين عند اشتباه المطلق والمضاف مع وجودهما ، والجمع بين الوضوء والتيمّم إذا فقد أحدهما (١٨٦٣) ، مع أنّ ما ذكرنا في نفي كلّ من الشرطيّة والمانعيّة بالأصل إنّما يستقيم لو كان كلّ من الفعل والترك توصّليّا على تقدير الاعتبار ، وإلّا فيلزم (١٨٦٤) من العمل بالأصلين
______________________________________________________
١٨٦٠. والفرض إمكان قصد الوجه والإطاعة التفصيليّة هنا بترك الاحتياط والالتزام بالتخيير.
١٨٦١. الضمير عائد إلى الثاني المراد به الاحتياط.
١٨٦٢. لفرض العلم الإجمالي بشرطيّة واحد من الفعل والترك. وعدم قدحه في العمل بأصالة البراءة إنّما هو فيما دار الأمر بين الأقلّ والأكثر دون المتباينين.
١٨٦٣. يعني : المطلق والمضاف المشتبه أحدهما بالآخر.
١٨٦٤. إذ لو كان كلاهما تعبّديّين يعتبر فيهما قصد القربة ، أو أحدهما كذلك