.................................................................................................
______________________________________________________
بما ذكرناه.
ومنها : أنّهم قد اشترطوا في لزوم وقف المسجد إيقاع صلاة فيه ، فعلى القول بالصحيح إذا صلّى أحد فيه صلاة وترك فيها ما شكّ في كونه جزءا لها ، لا يلزم بها الوقف ، لما عرفت من عدم دلالة أصالة البراءة على نفي الجزئيّة ، والفرض أنّ شرط لزومه إيقاع صلاة واقعيّة أو ظاهريّة فيه. اللهمّ إلّا أن يريدوا بها ما كان مبرئا للذمّة ولو بإعمال الاصول فيها ، لا ما كان صلاة في الواقع والظاهر.
الأمر الثاني : أنّه إذا علم اعتبار شيء في عبادة أو غيرها ، وشكّ في كون اعتباره فيها ، من حيث كون وجوده شرطا في صحّتها ، أو عدمه مانعا منها ، فأصالة عدم الشرطيّة تعارضها أصالة عدم المانعيّة ، لما تقدّم من المصنّف رحمهالله من كون كلّ واحدة منهما موردا لأصالة البراءة. ولا يترتّب عليه ثمرة مع فرض كون الشبهة حكميّة ، للقطع بصحّة العبادة مع الإتيان به وببطلانها مع الإخلال به ، سواء كان وجوده شرطا في الواقع أم عدمه مانعا كذلك.
نعم ، تظهر الثمرة فيما كانت الشبهة موضوعيّة ، وذلك لأنّه قد ثبت فيما كان لباس المصلّي من أجزاء الحيوان أن يكون من مأكول اللحم ، فإذا تردّد الأمر بين كون ذلك شرطا وعدمه مانعا ، وصلّى في لباس مردّد بينهما بحسب الموضوع ، فعلى الشرطيّة يحكم ببطلانها ، لعدم العلم بتحقّق شرطها ، بل الأصل عدم تحقّق العبادة المشروطة في الخارج. ولذا قال في محكيّ المنتهى : «لو شكّ في كون الصوف أو الشعر أو الوبر من مأكول اللحم لم تجز الصلاة ، لأنّها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه ، والشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط» انتهى. وعلى المانعيّة يحكم بصحّتها ، لأصالة عدم المانع. ولعلّه إليه ينظر ما أورده على ما عرفته من المنتهى في محكيّ البيان والمدارك والذخيرة ، بأنّه يمكن أن يقال : إنّ الشرط ستر العورة ، والنهي إنّما تعلّق بالصلاة في غير المأكول ، فلا يثبت إلّا مع العلم بكون الساتر كذلك. وأيّدوه بعموم أدلّة البراءة.