.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ، لو كان عدم المانع شرطا لم يجد الأصل المذكور في المقام ، إذ أصالة عدم المانع غير مجد في إحراز الشرط. ولذا قد استشكل بعض من عاصرناه في الصلاة في الماهوت المصنوع في بلاد الإفرنج في أمثال زماننا ، لما وصل إليه من مزجهم به الصوف من غير مأكول اللحم ، لا يقال : الأصل عدم المزج. لأنّا نقول : إن اريد عدم المزج بهذا الثوب فهو غير مسبوق بالعدم. وإن اريد عدم المزج مطلقا فهو إنّما يثبت عدم المزج في هذا الثوب على القول بالاصول المثبتة.
فإن قلت : إن بنيت على هذا لم تصحّ الصلاة في شيء من الأثواب وإن كان مصنوعا في بلاد الإسلام ، لاحتمال سقوط شعر واحد من غير المأكول اللحم في الصوف أو القطن أو الكتّان المصنوع منه ، ولا سبيل إلى سدّ هذا الاحتمال إلّا الأصل المذكور.
قلت : نعم ، إلّا أن هذا احتمال لا يعتني به العقلاء ، والاطمئنان حاصل بالعدم في الغالب. مع أنّه يمكن أن يقال : إذا كان العمل مبنيّا على نسج الثوب من أجزاء ما يؤكل لحمه ، فمجرّد احتمال سقوط شعر أو شعرات من غير مأكول اللحم فيه ، أو احتمال مزجه فيه من بعض الصانعين أو غيرهم ، غير مضرّ في المقام إن سلّم إضراره في غيره ، لاستمرار السيرة عليه في جميع الأصقاع والأعصار. نعم ، يمكن أن يقال بمثله في الماهوت أيضا ، لشهادة التجّار بعدم بنائهم على المزج ، وهذه الشهادة وإن لم تفد في خصوص الثوب الذي اريد إيقاع الصلاة فيه ما لم تتعلّق به ، إلّا أنّه يأتي فيه أيضا ما عرفته من سيرة المسلمين ، سيّما الورعين من العلماء ، لأنّا ما سمعنا إلى الآن أحدا يجتنب عن ثوب لأجل هذا الاحتمال مع قيامه في أغلب الموارد ، ولعلّ الاعتناء به يعدّ من الوسواس.
الأمر الثالث : أنه إذا دار الأمر بين كون شيء واجبا نفسيّا أو غيريّا ، فهل الأصل يقتضي الأوّل أو الثاني؟ قولان.
اعلم أنّ هنا صورا :