لوجوب تحصيل العلم ؛ لحكم العقل بوجوب التحرّز عن مضرّة العقاب : مثل قوله صلىاللهعليهوآله فيمن غسّل مجدورا أصابته جنابة فكزّ فمات (١٨٨٤) : «قتلوه ، قتلهم الله ، إلّا سألوا ، إلّا يمّموه». وقوله عليهالسلام لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء : «ما كان أسوأ حالك لو متّ على هذه الحالة» ، ثمّ أمره بالتوبة وغسلها (٤) ، وما ورد في تفسير قوله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) (٥) من أنّه : «يقال للعبد يوم القيامة : هل علمت؟ فإن قال : نعم ، قيل : فهلّا عملت؟ وإن قال : لا ، قيل له : هلّا تعلّمت حتّى تعمل؟» (٦). وما رواه القمّي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ :) «نزلت فيمن اعتزل عن أمير المؤمنين عليهالسلام ولم يقاتل معه ، (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) أي لم نعلم من الحقّ ، فقال الله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (٧) أي دين الله وكتابه واسعا متّسعا ، فتنظروا فيه ، فترشدوا وتهتدوا به سبيل الحقّ (٨).
الرابع : أنّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام في المقام الذي نظيره في العرفيّات ما إذا ورد من يدّعي الرسالة من المولى وأتى بطومار يدّعي أنّ الناظر فيه يطّلع على صدق دعواه أو كذبها ، فتأمّل (١٨٨٥).
______________________________________________________
قوله في صحيحة عبد الرحمن بن حجّاج : «إذا أصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم الاحتياط حتّى تسألوا وتعلموا».
١٨٨٤. الكزاز داء يتولّد من شدّة البرد. وقيل : هو نفس البرد ، ومنه حديث «من أمر بالغسل فكزّ فمات» ذكره الطريحي.
١٨٨٥. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى الفرق بين المثال وما نحن فيه ، لأنّ المثال من قبيل دعوى النبوّة ، فإنّ من ادعى الرسالة من الله تعالى ودعا الناس إلى النظر إلى معجزته ، فعدم جواز العمل بأصالة البراءة عن وجوب تصديقه من دون فحص عن صدقه بالنظر في معجزته ، إنّما هو لاستلزامه لإفحام الأنبياء ، لا لعدم جواز العمل بها قبل الفحص ، لأنّا لو قلنا بجواز العمل بها قبله في الأحكام الفرعيّة