والنقل الدالّ على البراءة في الشبهة الحكميّة معارض بما تقدّم من الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط حتّى يسأل عن الواقعة ، كما في صحيحة عبد الرحمن المتقدّمة ، وما دلّ على وجوب التوقّف بناء على الجمع بينها وبين أدلّة البراءة بحملها على صورة التمكّن من إزالة الشبهة.
الخامس : حصول العلم (١٨٨٦) الإجمالي لكلّ أحد ـ قبل الأخذ في استعلام المسائل ـ بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة في الشريعة ، ومعه لا يصحّ التمسّك بأصل البراءة ؛ لما تقدّم من أنّ مجراه الشكّ في أصل التكليف لا في المكلّف به مع العلم بالتكليف.
______________________________________________________
لا يلزم منه القول بها قبله في مسألة النظر إلى المعجزة ، لما ذكرناه من المحذور فيها.
١٨٨٦. هذا الدليل أخصّ من المدّعى ، لوضوح كونه أعمّ من صورة وجود العلم الإجمالي وممّا ثبت جميع أحكام الفقه بالأدلّة القاطعة أو الظنون الخاصّة إلّا موردا واحدا شكّ في حكمه ، إذ لا شكّ في عدم جواز العمل فيه أيضا بأصالة البراءة قبل الفحص كما هو مقتضى الأدلّة السابقة.
نعم ، ربّما يظهر من السيد الصدر فيما حكي عنه اختصاص مورد وجوب الفحص بصورة العلم الإجمالي بوجود الدليل الناقل. قال : «الظاهر جواز العمل بهذا الأصل لكلّ مكلّف في كلّ زمان ، إلّا أن يعلم أنّ الحكم ناقل عن الأصل ومقتضاه ، والذمّة مشغولة به ، ولكن لم يصل إليه ، فحينئذ يجب الفحص والسؤال. وعلى تقدير تسليم وجوب الفحص على كلّ مكلّف عن كلّ ما يمكن أن يصدر عنه في جميع عمره من الأفعال والتروك ، فنقول بجواز العمل بالأصل في مجموع زمان الفحص إلى أن يظهر الناقل عنه. نعم ، التوقّف في بعض الأفعال والتروك إلى تمام زمان الفحص ثمّ العمل بما ظهر من الفحص هو الأولى. ودعوى الإجماع المعتبر في أمثال هذه المسائل حالها غير خفيّة» انتهى. وهو كما ترى مخالف للأدلّة المتقدّمة.