ولكن هذا لا يخلو عن نظر ؛ لأنّ العلم الإجمالي إنّما هو (١٨٨٨) بين جميع الوقائع من غير مدخليّة لتمكّن المكلّف من الوصول إلى مدارك التكليف وعجزه عن ذلك ، فدعوى اختصاص أطراف العلم الإجمالي بالوقائع المتمكّن من الوصول إلى مداركها مجازفة ، مع أنّ هذا الدليل (١٨٨٩) إنّما يوجب الفحص قبل استعلام جملة من التكاليف يحتمل انحصار المعلوم إجمالا فيها ، فتأمّل وراجع ما ذكرنا في ردّ استدلال الأخباريّين على وجوب الاحتياط في الشبهة التحريميّة بالعلم الإجمالي.
______________________________________________________
الجواب عن أحد دليلي الأخباريّين على عدم جواز العمل بظواهر الكتاب ، وهو حصول العلم الإجمالي بورود مخصّصات ومقيّدات وقرائن مجازيّة على عموماتها ومطلقاتها وسائر ظواهرها ، فراجع.
١٨٨٨. حاصله : منع ما ادّعاه في الجواب عمّا أورده على نفسه من السؤال في تقريب الدليل المذكور ، وحينئذ يبقى السؤال واردا على الدليل المذكور.
١٨٨٩. حاصله : أنّه مع تسليم اختصاص أطراف العلم الإجمالي بما بأيدينا اليوم من الأخبار ، نقول : إنّ الدليل المذكور لا يقتضي وجوب الفحص عن جميع ما بأيدينا ، لأنّ غايته هو وجوب الفحص عن مقدار من التكاليف يحتمل انحصار المعلوم إجمالا فيه ، ويرتفع العلم الإجمالي بالفحص عنه ، لأنّا لو فرضنا الأخبار التي بأيدينا اليوم ألفا ، وفرضنا الوقائع التي علمنا إجمالا بوجود أحكامها في هذه الأخبار مردّدة بين أربعين وخمسين واقعة ، وتفحّصناها ووجدنا أحكام أربعين واقعة فيها ، لا يبقى حينئذ علم إجمالي بوجود أحكام باقي الوقائع الذي لم يتفحّص عن أحكامه في هذه الأخبار. نظير ما لو علمنا بوجود شياه محرّمة في قطيع غنم ، لأنّا إذا علمنا بحرمة خمسة أو عشرة معيّنة منها على وجه يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها يرتفع العلم الإجمالي عن الباقي ، وحينئذ لا يبقى مقتض لوجوب الفحص في العمل بأصالة البراءة في الباقي. وإليه يرجع أيضا ما أوردناه في الحواشي السابقة من كون الدليل أخصّ من المدّعى.