.................................................................................................
______________________________________________________
الظاهرة في كون وجوب الفحص والسؤال لمجرّد الوصول إلى الواقع ، وأنّ مدار الثواب والعقاب على نفس إطاعة الواجبات والمحرّمات ومخالفتها لا على مقدّماتها. وهذه جملة أدلّتهم.
وأنت خبير بأنّ مطلوبهم في المقام ـ أعني : صورة ترك المكلّف الفحص والسؤال ، مع إفضاء تركهما إلى مخالفة الواقع من الواجبات والمحرّمات ـ مركّب من أمرين : أحدهما : بقاء خطاب التكليف الواقعي إلى زمان تحقّق المخالفة ، والآخر : ترتّب العقاب حين تحقّق المخالفة. والأدلّة المذكورة لا تثبت شيئا منهما ، لأنّ غايتها ترتّب العقاب على مخالفة نفس التكاليف الواقعيّة لا على ترك مقدّماتها.
وأمّا دلالتها على بقاء خطاباتها إلى زمان تحقّق المخالفة ، وكذا كون ترتّب العقاب حين تحقّقها فلا ، لعدم منافاتها لترتّب العقاب. وكذا ارتفاع خطاباتها حين ترك مقدّماتها المفضي إلى مخالفتها.
وإن أرادوا من ترتّب العقاب على مخالفتها هذا المعنى ، كما أسلفناه عند بيان الوجوه المحتملة في كلماتهم ، يرد عليه أوّلا : عدم دلالة الأدلّة المذكورة على خصوص هذا المعنى أيضا. وثانيا : أنّه مناف لكلماتهم في الفروع من الوجهين اللذين أشار إليهما المصنّف قدسسره.
هذا ، وأمّا ما ذهب إليه الجماعة فقد عرفت أنّ صاحب المدارك استدلّ عليه بقبح تكليف الجاهل بما هو جاهل به ، وأنّه تكليف بما لا يطاق ، فلا بدّ أن يكون مكلّفا بالفحص والسؤال ، ومعاقبا على تركهما ، لا على ترك الفعل المجهول الحكم.
وهو إن أراد بذلك كون الفحص والسؤال واجبين بالوجوب النفسي كما هو ظاهرهم ، ففيه : منع قبح تكليف الجاهل مطلقا ، لأنّ المسلّم منه تكليف الجاهل محضا ، لا مع الالتفات إلى الأحكام الواقعيّة والعلم بها إجمالا وكونها مطلوبة منه وإن عرضت الغفلة بعده ، لأنّه مع هذا الالتفات والعلم يصحّ من الشارع الحكيم تكليفه بما في الواقع من الأحكام وإن لم يعرف تفصيلها ، ولا قبح فيه أصلا. و