.................................................................................................
______________________________________________________
حينئذ يجب عليه بحكم العقل والنقل الفحص والسؤال عن مفصّلاتها ، فإذا ترك ذلك وعرضت له الغفلة عنها بالكلّية ، وخالف الأحكام الواقعيّة بعضا أو كلّا ، لا يقبح من الشارع مؤاخذته على هذه المخالفة.
وإن أراد أنّه مع الالتفات يتنجّز التكليف بالواقع ، ويبقى هذا التكليف ما دام الالتفات باقيا ، ويرتفع خطاب الواقع حين عروض الغفلة ، ويستحقّ العقاب لأجل ترك الفحص والسؤال وإن لم يجبا بالوجوب النفسي ، لا لأجل مخالفة الواقع.
ففيه أوّلا : أنّه مع الاعتراف بتنجّز التكليف بالواقع بالالتفات لا وجه لدعوى كون العقاب على ترك الفحص ، إذ لا مانع من ترتّب العقاب على مخالفة الواقع حين ترك الفحص المفضي إلى تركه ، نظرا إلى كونه مخالفة حكميّة للواقع كما ستعرفه ، بل لا معنى لما ذكر أصلا كما لا يخفى.
وثانيا : أنّ مقتضى ترتّب العقاب على ترك المقدّمة هو ترتب الثواب عليها أيضا لا على الواجبات النفسيّة ، وهو خلاف المعهود من الشرع الأنور ، فيلزم حينئذ إهمال التكاليف الواقعيّة ، وجعل المدار في الثواب والعقاب على مقدّماتها.
وثالثا : أنّه خلاف ظاهر الأدلّة كتابا وسنّة ، كما تقدّم عند بيان أدلّة المشهور.
وإن أراد ترتّب عقاب مخالفة الواقع حين ترك الفحص المفضي إلى مخالفته ، نظرا إلى كونه مخالفة حكميّة للواقع ، فهذا الوجه وإن لم يخالف الأدلّة ، بل يعاضده الاعتبار ، لأنّه نتيجة مقدّمات أربع ، الاولى : كون الفحص مطلوبا لأجل الوصول إلى الواقع ، وأنّه لا عقاب ولا ثواب على الواجبات الغيريّة. الثانية : كون الالتفات والعلم إجمالا بأنّ في الواقع واجبات ومحرّمات ـ مطلوب منه فعل الاولى وترك الثانية ـ منجّزين للتكليف بالواقع. الثالثة : قبح خطاب الغافل. الرابعة : لغويّة ترقّب حصول زمان المخالفة إذا ارتفع خطاب الواقع قبله بالغفلة ونحوها كما هو الفرض ، لصيرورة الفعل مستحيل الوقوع لأجل ترك مقدّمته. إلّا أنّه لا يبقى حينئذ