.................................................................................................
______________________________________________________
إلى منجّز ومعلّق. قال في مبحث المقدّمة : «وينقسم باعتبار آخر إلى ما يتعلّق وجوبه بالمكلّف ، ولا يتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة ، وليسمّ منجّزا ، وإلى ما يتعلّق وجوبه به ، ويتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له ، وليسمّ معلّقا كالحجّ ، فإنّ وجوبه يتعلّق بالمكلّف من أوّل زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة ، ويتوقّف فعله على مجيء وقته ، وهو غير مقدور له. والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو أنّ التوقّف هناك للوجوب وهنا للفعل» انتهى.
وممّا ذكرناه تظهر صحّة دعوى كون الكفّار معاقبين على الفروع بمجرّد التفاتهم واحتمالهم لحقّية دين الإسلام ـ بل لحقّية دين آخر سوى دينه ـ في آن من الآنات وإن عرضت لهم الغفلة بعده في تمام عمرهم ، إذ بمجرّد هذا الاحتمال يستقلّ العقل بوجوب الفحص عن سائر الأديان ، وبمجرّد ترك الفحص وعروض الغفلة بعده يترتّب عليه مؤاخذة جميع ما يترتّب عليه من مخالفة أحكام الدين الحقّ.
هذا كلّه مع أنّه يمكن منع غلبة الغفلة على الكفّار عن حقّية دين الإسلام كما تقدّم في تقرير الإشكال ، لأنّهم لانغمارهم في المعاصي وكثرة متابعتهم لتسويلات الشيطان تعرض لهم كثيرا حالة شبيهة بحال الغفلة لا يقبح معها التكليف ، لا أنّه تحصل لهم الغفلة بالمرّة بحيث يقبح تكليفهم في هذه الحالة.
وتحقيق ما ينبغي أن يقال في المقام : أنّه إذا ترك الفحص والسؤال ثمّ تعذّر عليه ذلك ، فإن كان ملتفتا إلى الواقع ومتمكّنا من الاحتياط ، ولكنّه ترك الاحتياط وبنى في مقام العمل على مقتضى البراءة ، يعاقب على مخالفة الواقع. وإن لم يكن متمكّنا منه مع التفاته إلى الواقع ، كما في موارد دوران الأمر بين المحذورين ، أو كان غافلا عن الواقع بالمرّة ، يترتّب عليه عقاب مخالفة الواقع حين ترك الفحص المفضي إليها ، لقبح تفويت الخطابات الواقعيّة من المكلّف باختياره. ومن هنا يظهر وجه النظر في إطلاق قول المشهور والجماعة على جميع احتمالاتهما ، إذ على كلّ تقدير لا بدّ من التفصيل بما عرفت.