أنّه يلزم حينئذ عدم العقاب (١٩٠٦) في التكاليف الموقّتة التي لا تتنجّز على المكلّف إلّا بعد دخول أوقاتها ، فإذا فرض غفلة المكلّف عند الاستطاعة عن تكليف الحجّ ، والمفروض أن لا تكليف قبلها ، فلا سبب هنا لاستحقاق العقاب رأسا. أمّا حين الالتفات إلى امتثال تكليف الحجّ فلعدم التكليف به ؛ لفقد الاستطاعة. وأمّا بعد الاستطاعة ؛ فلفقد الالتفات وحصول الغفلة ، وكذلك الصلاة والصيام بالنسبة إلى أوقاتها.
ومن هنا قد يلتجئ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك (١٦) ومن تبعه من أنّ العلم واجب نفسي والعقاب على تركه من حيث هو ، لا من حيث إفضائه إلى المعصية ، أعني ترك الواجبات وفعل المحرّمات المجهولة تفصيلا.
______________________________________________________
والتحقيق أن يقال : إنّ نسيان الحكم إمّا أن يكون من تقصير في المحافظة ، أو قصور فيها وعلى التقديرين : إمّا أن يكون الحكم المنسيّ ممّا يبتلي به المكلّف غالبا أو لا. والأقرب هو الحكم بالصحّة على جميع التقادير.
أمّا على تقدير ندرة الابتلاء فواضح ، لعدم وجوب المحافظة حينئذ على عدم وقوع النسيان ، إذ كما لا يجب تعلّم المسائل مع عدم غلبة الابتلاء ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله عند بيان وجوب الفحص في العمل بأصالة البراءة ، كذلك المحافظة على عدم وقوع النسيان بعد تعلّمه ، بل بطريق أولى ، وكذلك مع غلبة الابتلاء إذا كان النسيان من قصور ، لوضوح عدم التكليف بالمحافظة حينئذ.
وأمّا مع التقصير ، فإن سلّمنا حصول العصيان حينئذ بسبب ترك المحافظة فلا ريب أنّ النهي يرتفع بسبب النسيان ، فلا بدّ من الحكم بالصحّة. مع أنّ وجوب المحافظة على عدم وقوع النسيان ممنوع ، لحديث رفع الخطأ والنسيان ، لإطلاقه بالنسبة إلى صورتي القصور والتقصير. ومنه يظهر ضعف تأمّل بعضهم في ناسي الموضوع ، كالعلّامة في مبحث المكان من القواعد ، بل حكي عنه الحكم بالبطلان فيها في مبحث لباس المصلّي ، لارتفاع النهي بالنسيان أوّلا ، وارتفاع حكم النسيان بالنبويّ ثانيا.
١٩٠٦. قد تقدّم توضيحه وما يدفعه عند شرح قوله : «وقد خالف فيما