.................................................................................................
______________________________________________________
هذا كلّه فيما أمكن التقليد لمجتهد حيّ عادل. وإن تعذّر فهل يجوز العمل بأصالة البراءة في موارد الشكّ في التكليف ، وبالاحتياط في موارد الشكّ في المكلّف به ، لعموم أدلّتها ، أو يجب عليه الاحتياط مطلقا ، لوجود المقتضي وهو العلم الإجمالي بالأحكام الواقعيّة ، وعدم المانع وهو أدلّة وجوب التقليد؟ وجهان.
وقد يفصّل في المقام بأنّ القصور عن الفحص إن كان عن أغلب المسائل الفقهيّة ، بأن كان العمل بأصالة البراءة في تلك المسائل موجبا لإلغاء أحكام كثيرة في الواقع ، وجب عليه الاحتياط حينئذ ، لوجود المقتضي وعدم المانع كما عرفت. وإن كان في بعض الموارد بحيث لا يحصل من ملاحظة اجتماع هذه الموارد علم إجمالي بالواقع مع قطع النظر عن العلم الإجمالي الحاصل في الموارد الشخصيّة ، كما في مثال الظهر والجمعة والقصر والإتمام ، جاز عليه العمل بالاصول الجارية في مواردها. أما العمل بأصالة الاحتياط والاستصحاب في مواردهما فواضح. وأمّا البراءة فلوجود المقتضي بالفرض ، وهو الشكّ في التكليف ، وعدم المانع ، لأنّ المانع إمّا هو العلم الإجمالي ، وهو مفروض الانتفاء ، وإمّا وجوب دفع الضرر المحتمل ، وهو إن كان موجبا لوجوب الاحتياط وجب ذلك بعد الفحص أيضا في موارد إمكانه ممّا كان الشكّ فيه في التكليف ، لوضوح عدم اندفاع احتمال الضرر بالفحص ، إذ غايته حصول الظنّ بعدم الدليل ، وهو لا يرفع احتماله ، مع أنّ قبح التكليف بلا بيان يدفع احتماله كما قرّرناه في محلّه.
وفيه ما تقدّم من أنّ العقل إنّما يعذر الجاهل بعد الفحص وعدم وجدان الدليل لا مطلقا ، وإلّا لم يجب الفحص من رأس. ومجرّد القصور عن الفحص لا يوجب حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان كما هو واضح. فالأظهر وجوب الاحتياط مطلقا إن لم يستلزم العسر والحرج المنفيّين في الشرع ، وإلّا وجب تقليد الأموات من باب حجّية مطلق الظنّ. ومن هنا يمكن تقديم قول المشهور من الأموات على غيرهم إن كان هنا قول مشهور منهم ، وإلّا فمن كان أوثق في