وأمّا الكلام في الحكم الوضعي : وهي صحّة العمل الصادر من الجاهل وفساده ، فيقع الكلام فيه تارة في المعاملات (١٩٠٩) واخرى في العبادات.
أمّا المعاملات : فالمشهور فيها أنّ العبرة فيها بمطابقة الواقع ومخالفته ، سواء
______________________________________________________
الفتوى ـ كالمحقّق والشهيد وأمثالهما ـ على غيره.
وأمّا المقام الثاني فإنّا إذا قلنا بوجوب الاحتياط أو التقليد على القاصر ، وأخذ في العمل بخلاف الطريقين ، كما إذا صلّى بدون السورة من دون تقليد ، فالأقوى هو الحكم بفساد عباداته مطلقا ، طابقت الواقع أم لا ، لعدم تأتّي قصد القربة من الشاكّ في صحّة عمله. اللهمّ إلّا أن تفرض الغفلة عن احتمال فساد عمله. نعم ، ربّما يقال بتأتّي ذلك من بعض المنغمرين في المعاصي من حكّام الجور وأمثالهم ، لأنّك إن نبّهتهم على غصبيّة لباسهم أو مكانهم ، وأنّ ذلك موجب لفساد العبادة ، لا يصغون إليك ، ويقصدون التقرّب مع ذلك في عباداتهم.
وبالجملة ، إنّ مطابقة العمل للواقع إنّما تجدي في صحّة العبادة مع تحقّق قصد القربة لا مطلقا. وأمّا المعاملات فالأقوى صحّتها مع انكشاف مطابقتها للواقع بعد تحقّق قصد الإنشاء في العقود والإيقاعات منها ، لعدم اعتبار قصد القربة فيها ليسري الفساد إليها من جهته. وأمّا في مثل الطهارة والنجاسة فالأمر أوضح. ويظهر الكلام في كفاية المطابقة الاتّفاقيّة في الحكم بالصحّة ، وكذا المراد من الواقع الذي اعتبر مطابقة العمل له ، وكذلك في إمكان قصد الإنشاء من الجاهل ، ممّا ذكره المصنّف رحمهالله في الجاهل المقصّر ، فتدبّر.
هذا كلّه في الجاهل القاصر عن الفحص المقصّر في العمل. وأمّا الجاهل الذي وظيفته التقليد من أوّل الأمر ، فالكلام في صحّة عباداته ومعاملاته مع تركه لطريقي التقليد والاحتياط فكما ذكرناه.
١٩٠٩. بالمعنى الأعمّ ، أعني : ما لا تحتاج صحّته إلى قصد القربة.