وقعت عن أحد الطريقين أعني الاجتهاد والتقليد أم لا عنهما ، فاتّفقت المطابقة (*) للواقع ؛ لأنّها من قبيل الأسباب لامور شرعيّة ، فالعلم والجهل لا مدخل له في تأثيرها وترتّب المسبّبات عليها.
فمن عقد على امرأة عقدا لا يعرف تأثيره في حلّية الوطء فانكشف بعد ذلك صحّته ، كفى في صحّته من حين وقوعه ، وكذا لو انكشف فساده رتّب عليه حكم الفاسد من حين الوقوع. وكذا من ذبح ذبيحة بفري ودجيه ، فانكشف كونه صحيحا أو فاسدا. ولو رتّب عليه أثرا قبل الانكشاف ، فحكمه في العقاب ما تقدّم من كونه مراعى بمخالفة الواقع ، كما إذا وطأها ، فإنّ العقاب عليه مراعى. وأمّا حكمه الوضعي ـ كما لو باع لحم تلك الذبيحة ـ فكما ذكرنا هنا من مراعاته حتى ينكشف الحال.
ولا إشكال فيما ذكرنا بعد ملاحظة أدلّة (١٩١٠) سببيّة تلك المعاملات ، ولا خلاف ظاهرا في ذلك أيضا إلّا من بعض مشايخنا (١٩١١) المعاصرين قدسسره حيث أطال الكلام هنا في تفصيل ذكره بعد مقدّمة (١٩١٢) هي : أنّ العقود والإيقاعات بل كلّ ما جعله الشارع سببا ، لها حقائق واقعيّة هي ما قرّره الشارع أوّلا ، وحقائق ظاهريّة هي ما يظنّه المجتهد أنّه ما وضعه الشارع ، وهي قد تطابق الواقعيّة وقد تخالفها ، ولما
______________________________________________________
١٩١٠. يظهر تحقيق الكلام فيه ممّا سيذكره المصنّف رحمهالله من كون هذه الأسباب الشرعيّة كالامور الواقعيّة غير المجعولة ، في عدم توقّف تأثيرها على قيام طريق علمي أو ظنّي عليها. وسنشير إلى توضيحه إن شاء الله تعالى.
١٩١١. هو الفاضل النراقي في مناهجه.
١٩١٢. قد ذكر في تحقيق ما بنى عليه مقدّمتين ، إحداهما : ما ذكره المصنّف رحمهالله والاخرى : أنّه لا شكّ في أنّه لا تكليف فوق العلم والاعتقاد ، ويلزمه أن لو اعتقد أحد ترتّب أثر على شيء بحيث لم يحتمل خلافه ترتّب عليه في حقّه.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «المطابقة» ، مطابقته.