به هو مؤدّى الطريق دون الواقع على ما هو عليه ، فكيف يعاقب الله سبحانه على شرب العصير العنبي من يعلم أنّه لن يعثر بعد الفحص على دليل حرمته؟ ومن أنّ كلّا من الواقع ومؤدّى الطريق تكليف واقعي (١٩٢٦) ، أمّا إذا كان التكليف ثابتا في الواقع ؛ فلأنّه كان قادرا على موافقة الواقع بالاحتياط ، وعلى إسقاطه عن نفسه بالرجوع إلى الطريق الشرعيّ المفروض دلالته على نفي التكليف ، فإذا لم يفعل شيئا منهما فلا مانع من مؤاخذته. وأمّا إذا كان التكليف ثابتا بالطريق الشرعيّ ، فلأنّه قد ترك موافقة خطاب مقدور على العلم به ؛ فإنّ أدلّة وجوب الرجوع إلى خبر العادل أو فتوى المجتهد يشمل العالم والجاهل القادر على المعرفة.
ومن عدم التكليف بالواقع (١٩٢٧) ؛ لعدم القدرة ، وبالطريق الشرعيّ
______________________________________________________
إلى طريق مجعول ، أو يمكن الوصول فيه إلى الواقع دون الطريق الشرعيّ ، سواء لم يكن هنا طريق أصلا أو كان ولم يمكن الوصول إليه ، أو بالعكس. وعليه لا يخلو : إمّا أن يكون الطريق مطابقا للواقع أو مخالفا له ، وإمّا يمكن الوصول إلى كلّ من الواقع والطريق. وعليه أيضا : إمّا أن يكون الطريق مطابقا للواقع أم مخالفا له. وفي موارد التمكّن من الوصول إلى الطريق المجعول : إمّا أن يكون الطريق متّحدا أو متعدّدا. وعلى الثاني : إمّا أن تتوافق الطرق في المؤدّى ، أو تختلف فيه.
ومقتضى ما ذكره من الوجه أن يكون المدار في باب المؤاخذة وعدمها في القسمين الأوّلين ، وفي القسم الرابع مع اتّحاد الطريق وموافقته للواقع ، وكذا مع تعدّده مع اتّحاد المؤدّى والموافقة للواقع ، على الواقع الأوّلي. وفي القسم الثالث مع اتّحاد الطريق ، وكذا مع تعدّده واتّحاد المؤدّى ، على مؤدّى الطريق. ويشكل الأمر في هذا القسم فيما لو تعدّد الطريق مع الاختلاف في المؤدّى ، وكذا في القسم الرابع مع مخالفة الطريق للواقع مع اتّحاده وتعدّده ، لعدم استفادة حكمهما ممّا ذكره كما لا يخفى.
١٩٢٦. إمّا أوّلي أو ثانوي.
١٩٢٧. لا يخفى أنّ مقتضى هذا الوجه ارتفاع التكليف من رأس فيما لا يمكن